الجلسة الماضية لم تحمل زخم كبير في الأسهم أو السندات بسبب اجازة يوم العمال في الولايات المتحدة، لكن الأضواء كلها تسلّطت على الذهب. المعدن الأصفر اخترق حاجز 3500 دولار للأونصة لعادة اختبار القمة التاريخية المسجلة.
هذه القفزة ليست محض صدفة او خارجة عن نطاقات المؤلوف ونطاق التوقع، بل هي نتيجة تلاقي ثلاثة عوامل مؤثرة اولها تصلب المخاوف التضخمية، قناعة متزايدة بأن الفيدرالي الأمريكي سيستأنف دورة التيسير النقدي ، وترقب حدث بالغ الأهمية يوم الجمعة مع صدور بيانات الوظائف غير الزراعية. في هذا السياق، الذهب ليس فقط اداة تحوطية بل يشير الى تحول الى مقياس لمدى قلق الأسواق وعدم يقينها من هذه العوامل المؤثرة.
مع إغلاق وول ستريت لعطلة يوم العمال، انتقل الاهتمام إلى أوروبا وآسيا. في القارة الأوروبية تمكن مؤشر ستوكس 600 من تحقيق مكاسب طفيفة مدعومة بقطاعي الرعاية الصحية والصناعة، فيما بقيت البورصة البريطانية أضعف نسبيًا بفعل الاضطراب السياسي عقب التغييرات الحكومية. أما في آسيا، فكانت القصة الأبرز قفزة أسهم علي بابا في هونغ كونغ بنحو 18% مدفوعة بقوة الإيرادات من الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، الأمر الذي رفع مؤشر هانغ سنغ قرابة 2%. في المقابل، تراجع مؤشر نيكاي الياباني بأكثر 1% مع عمليات جني أرباح في سوق تفوق أداؤه في الفترة الاخيرة. الرسالة العامة أن المستثمرين لا يزالون يميزون بين الأسواق والشركات ، فحيثما يتوفر وضوح في السياسة النقدية أو مفاجآت إيجابية في الأرباح، تستمر التدفقات، بينما البقية تراوح مكانها في انتظار بيانات التوظيف الأمريكية.
في أسواق الدين السيادي، بقيت الأنظار على العوائد طويلة الأجل. في ألمانيا ارتفع عائد السندات لثلاثين عامًا إلى أعلى مستوى منذ أربعة عشر عام عند 3.38%، تعبير عن مزيج من القلق التضخمي والغموض المالي. أما في الولايات المتحدة، فالعوائد استقرت في جلسة هادئة بسبب العطلة، حيث حافظ العشر سنوات على مستويات قرب 4.23% منخفضًا بضع نقاط أساس في ختام الأسبوع الماضي. ما ينتظره المستثمرون الآن هو تقرير الوظائف يوم الجمعة، إذ قد يحدد ما إذا كانت الأسواق ستشهد اندفاعة جديدة نحو العوائد المنخفضة في حال ضعف التوظيف، أو مواجهة مع سيناريو مختلف إذا جاءت الأرقام قوية.
في سوق اخر ، مؤشر الدولار بقي دون مستوى 98، وهو الأدنى منذ أسابيع، تحت وطأة تسعير المزيد من خفض الفائدة وغياب السيولة الأمريكية. اليورو تحرك جانبياً متجاهلاً الضجيج السياسي في فرنسا. ولكن يجدر التأكيد ان التدفقات منخفضة بسبب عطلة العمال على الجانب الاخر من الاطلسي.
في سوق الطاقة ، أسعار النفط حافظت على مكاسب طفيفة أقل من 1% لخام برنت قرب 68 دولارًا للبرميل، مدعومة بمزيج من المخاطر الجيوسياسية والنفط الروسي المستورد من الهند واستقرار الطلب الأمريكي. الفضة في تحرك ملاحظ ولكن الذهب فكان العنوان العريض.
تفسير الصعود إلى ما فوق 3500 دولار يتلخص في أربعة محاور. أولاً، التضخم يعود للواجهة من جديد، إذ أظهرت بيانات أمريكية مؤخرًا ضغوط متجددة في أسعار الخدمات والطاقة، وهو ما يضعف السردية الدافعة نحو تراجع مستدام في التضخم وهو ما بدوره يشير الى تساهل الفيدرالي ولو مؤقتاً بالضغوط التضخمية. ثانياً، دورة التيسير الفيدرالي تقترب، إذ يسعر المتعاملون احتمال يتجاوز 85% لخفض الفائدة في سبتمبر، مع مزيد من الخفض بنهاية العام، ما يعني تراجع العوائد الحقيقية ودعم الأصول غير المدرة للعائد. ثالثاً، حدث الوظائف يوم الجمعة يمثل لحظة حاسمة للربع الحالي فقراءة ضعيفة 40 - 50 ألف وظيفة قد تكرس مسار التيسير وتفتح الباب أمام مزيد من التوجه جديد نحو الذهب، أما قراءة قوية فقد تبطئ الزخم ولكن لن تغير صورة الذهب كأداة تحوط أساسية في البيئة الحالية. رابعًا، الخلفية الجيوسياسية والتجارية، من الرسوم الأمريكية إلى الجدل حول استقلالية الفيدرالي، تضيف طبقة إضافية من الطلب على الملاذات. المهم في هذه الموجة أنها لا تبدو حركة مضاربة بحتة، بل تحرك واسع تشارك فيه صناديق الماكرو والمستثمرون الأفراد وحتى بعض البنوك المركزية التي تعزز احتياطياتها.
المشهد السياسي والاقتصادي الكلي لا يخلو من ضوضاء سياسية. محكمة أمريكية أبطلت معظم التعريفات التي فُرضت من ترامب، وهو ما أعاد الغموض إلى مسار التجارة. في بريطانيا، أعادت حكومة العمال تشكيل فريقها الاقتصادي، ما ضغط على السندات البريطانية ودعم الذهب كتحوط إضافي. أما من جانب الاحتياطي الفيدرالي، فالرسائل لا تزال مزدوجة وهي الاعتراف بمخاطر النمو المتباطئ من جهة، والتأكيد أن التضخم لا يزال مقلق بعد من جهة أخرى، ما يجعل الأسواق متوترة اما البيانات الاقتصادية.
بالمختصر ، الرسالة الأوضح من الأسواق هي أن الذهب أصبح البوصلة. الأسهم متماسكة لكن بلا زخم قوي، السندات تنتظر بيانات التوظيف، العملات تتحرك وفق إيقاع الدولار المحدود. الذهب وحده ارتقى إلى مستوى جديد، ليس كتحوط تقليدي فقط، بل كرمز للبحث عن اليقين وسط خليط من التضخم والسياسة والأحداث المقبلة.
"لم يتم إعداد المواد المقدمة هنا وفقًا للمتطلبات القانونية المصممة لتعزيز استقلالية البحث الاستثماري، وعلى هذا النحو تعتبر بمثابة وسيلة تسويقية. في حين أنه لا يخضع لأي حظر على التعامل قبل نشر أبحاث الاستثمار، فإننا لن نسعى إلى الاستفادة من أي ميزة قبل توفيرها لعملائنا.
بيبرستون لا توضح أن المواد المقدمة هنا دقيقة أو حديثة أو كاملة ، وبالتالي لا ينبغي الاعتماد عليها على هذا النحو. لا يجب اعتبار المعلومات، سواء من طرف ثالث أم لا، على أنها توصية؛ أو عرض للشراء أو البيع؛ أو التماس عرض لشراء أو بيع أي منتج أو أداة مالية؛ أو للمشاركة في أي استراتيجية تداول معينة. لا يأخذ في الاعتبار الوضع المالي للقراء أو أهداف الاستثمار. ننصح القراء لهذا المحتوى بطلب المشورة الخاصة بهم والإستعانة بخبير مالي. بدون موافقة بيبرستون، لا يُسمح بإعادة إنتاج هذه المعلومات أو إعادة توزيعها.
تداول العقود مقابل الفروقات والعملات الأجنبية محفوف بالمخاطر. أنت لا تملك الأصول الأساسية و ليس لديك أي حقوق عليها. إنها ليست مناسبة للجميع ، وإذا كنت عميلاً محترفًا ، فقد يؤدي ذلك إلى خسارة أكبر من استثمارك الأساسي. الأداء السابق في الأسواق المالية ليس مؤشرا على الأداء المستقبلي. يرجى النظر في المخاطر التي تنطوي عليها، والحصول على مشورة مستقلة وقراءة بيان الإفصاح عن المنتج والوثائق القانونية ذات الصلة (المتاحة على موقعنا على الإنترنت www.pepperstone.com) قبل اتخاذ قرار التداول أو الاستثمار.
هذه المعلومات غير مخصصة للتوزيع / الاستخدام من قبل أي شخص في أي بلد يكون فيه هذا التوزيع / الاستخدام مخالفًا للقوانين المحلية."