وسط زخمٍ لافت في شهية المخاطرة، اندفع مؤشر S&P 500 الآجل ليصل الى 6150 نقطة، مسجِّلًا قمة تاريخية جديدة تؤكد اتساع رقعة مطاردة الأداء داخل قطاعات التكنولوجيا المتقدمة البنوك. هذه الموجة من التفاؤل تأتي رغم غموض مسار السياسة النقدية الأميركية، وهو ما يعكس رهان المستثمرين على بقاء الدورة الاقتصادية متماسكة حتى مع بوادر تباطؤ تدريجي، وعلى أن أي ضعف لاحق سيجد دعماً من تخفيف الشروط الائتمانية مع اقترابنا من الربع الرابع في العام الحالي. لا عجب إذن في أن تتراجع مؤشرات التقلب وتسجِّل صناديق الأسهم العالمية تدفقات إيجابية، فيما يواصل المستثمرون تدوير مراكزهم صوب أسهم الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية التي تُبقي نمو الأرباح عند مستويات جيدة وافضل ما كان متوقع خلال الفترة الماضية عندما سحبت الكثير من لشركات توقعاته المستقبلية.
في المقابل، كان الدولار الضحية الأبرز لهذا المشهد إذ هوى مؤشره ليكسر مستوى 98 نقطة، وهو أدنى مستوى يسجَّل منذ الربع الثاني من عام 2022. الانخفاض الراهن لا يبدو انفعالياً عابراً، بل إعادة تسعير هيكلية مصدرها تآكل ميزة الفارق في أسعار الفائدة وتقلّص استثناء الاقتصاد الأميركي الذي رأيناه العام الماضي على وجه التحديد مقارنة بالاقتصادات المتقدمة الأخرى. على الرسم الأسبوعي، يُظهر كسر الدعم التاريخي قرب 100 نقطة غياب طلبات الشراء الدفاعية، ما يفتح نظرياً الطريق نحو منطقة 95–92 نقطة حيث ارجح ان تكون منطة الهبوط حيث يلتقي الدعم الفني مع حاجزٍ نفسي مهم. فوق ذلك، تتعاظم الضغوط مع ارتفاع حجم الأصول الأميركية لدى المستثمرين الأجانب الذي وميل بعضهم لتقليص الانكشاف أو رفع نسب التحوط - وهو العنصر الاكثر تأثياً - تحسباً لتقلبات سياسية ونقدية قد تفاقم ضعف العملة. شهادة جيروم باول أمام الكونغرس هذا الاسبوع أضفت مزيداً من التأكيددات على ان أقرّ بأن تقدّم خفض التضخم أبطأ من المرغوب، لكنه شدد في الوقت نفسه على متانة سوق العمل واستمرار إنفاق المستهلكين. أشار باول كذلك إلى أن التعريفات الجمركية المعلَّقة، التي قد تُفعّل في 9 يوليو، تمثل مصدراً لعدم اليقين، معللاً بذلك تفضيله التريُّث قبل خفض الفائدة. المفارقة أن تصريحاته جاءت بعد تقارير إعلامية تفيد بأن الرئيس ترامب يدرس مُبكراً تسمية خليفة محتمل لباول، ما أثار مجدداً مخاوف تقويض استقلالية الاحتياطي الفيدرالي. مثل هذه الأنباء تزيد تكاليف التحوط في أسواق العملات، وتضعف جاذبية الأصول المقومة بالدولار لدى المستثمر الخارجي. رغم ضَعْف الدولار، ظلت سوق السندات الأميركية هادئة نسبياً؛ فقد تراجعت العوائد بنحو خمس نقاط أساس على امتداد المنحنى، لكن من دون موجة شراء كلاسيكية للأصول الآمنة. السبب يكمن في انتظار المتعاملين بيانات أكثر حسماً مثل قراءة مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي مقياس التضخم المفضل لدى الفيدرالي إذا جاءت دون 2.5 % على أساس سنوي قد تُعيد رسم رهانات خفض مزدوج للفائدة قبل نهاية العام، خصوصاً إذا أظهر تقرير الوظائف القادم تباطؤاً في نمو الأجور. في المقابل، أي مفاجأة صعودية في الأسعار ستُرسخ نهج الانتظار والترقّب وتبقي سيناريو الخفض مؤجلاً إلى ما بعد ديسمبر.
على صعيد المعدن النفيس، يقف الذهب عند مفترق طرق. الرسم اليومي يُظهر أنه يتمدّد عرضياً فوق متوسطه المتحرك لخمسة وخمسين يوماً (حوالي 3291 دولاراً للأونصة)، بينما يفشل منذ أبريل في اختراق سقف 3450–3470 دولاراً؛ أيُّ ارتداد مقنع فوق هذا المتوسط قد يستدرج طلباً تكتيكياً من محافظ تبحث عن توازنٍ في ظل ضعف الدولار، فيما كسر واضح سيعيد توجيه الأنظار نحو دعم ديناميكي قريب من 3200 دولار. مع ذلك، العلاقة التاريخية العكسية بين الذهب والدولار تراجعت حدتها مؤخراً بفعل تدفقات النمو نحو أسهم التكنولوجيا، ما يعني أن المعدن الأصفر يحتاج إلى محفّز جديد سواء بيانات تضخم أضعف أو تدهور مفاجئ في سوق العمل ليستعيد دوره الدفاعي التقليدي.
الأسباب وراء موجة ضعف الدولار متشابكة. فمن جهة، تزايدت التكهنات حول هوية الرئيس المقبل للفيدرالي، وتراجع تفرد الأداء الأميركي مقارنة بأوروبا والصين، وارتفعت تغطية التحوط بالعملات من المؤسسات الدولية التي ترى في أجندة ترامب الاقتصادية مصدراً لعدم اليقين. ومن جهة أخرى، بدأت فروق أسعار الفائدة تميل لمصلحة اليورو مع احتمال تخفيف الفيدرالي أسرع من المركزي الأوروبي، بينما يجد الين والفرنك دعماً من إعادة التوازن في تدفقات الملاذات الآمنة. في الوقت نفسه، توحي بيانات سوق العمل بأن سقف دورة التشديد قد يكون خلفنا فعلاً، ما يُبقي التشدد داخل اللجنة الفيدرالية على أهبة الاستعداد للدفع باتجاه تيسير تدريجي فور اطمئنانهم إلى مسار نزولي حاسم للتضخم. بالمختصر ، يبدو أن المستثمرين يفضلون الرهان على الكوب نصف الممتلئ فالدولار الضعيف يخفض كلفة التحوط ويعزز ربحية الشركات متعددة الجنسيات، والعوائد المنخفضة تدعم تقييمات أسهم النمو، بينما يحتفظ الذهب بمكانته كخيار دفاعي لا غنى عنه إن تدهورت البيانات فجأة. السيناريو المرجح على المدى القريب هو بقاء هذا المزيج بأسهم عند قممٍ قياسية، ضغوط هبوطية على الدولار، ومعدن نفيس في حالة ترقب.
"لم يتم إعداد المواد المقدمة هنا وفقًا للمتطلبات القانونية المصممة لتعزيز استقلالية البحث الاستثماري، وعلى هذا النحو تعتبر بمثابة وسيلة تسويقية. في حين أنه لا يخضع لأي حظر على التعامل قبل نشر أبحاث الاستثمار، فإننا لن نسعى إلى الاستفادة من أي ميزة قبل توفيرها لعملائنا.
بيبرستون لا توضح أن المواد المقدمة هنا دقيقة أو حديثة أو كاملة ، وبالتالي لا ينبغي الاعتماد عليها على هذا النحو. لا يجب اعتبار المعلومات، سواء من طرف ثالث أم لا، على أنها توصية؛ أو عرض للشراء أو البيع؛ أو التماس عرض لشراء أو بيع أي منتج أو أداة مالية؛ أو للمشاركة في أي استراتيجية تداول معينة. لا يأخذ في الاعتبار الوضع المالي للقراء أو أهداف الاستثمار. ننصح القراء لهذا المحتوى بطلب المشورة الخاصة بهم والإستعانة بخبير مالي. بدون موافقة بيبرستون، لا يُسمح بإعادة إنتاج هذه المعلومات أو إعادة توزيعها.
تداول العقود مقابل الفروقات والعملات الأجنبية محفوف بالمخاطر. أنت لا تملك الأصول الأساسية و ليس لديك أي حقوق عليها. إنها ليست مناسبة للجميع ، وإذا كنت عميلاً محترفًا ، فقد يؤدي ذلك إلى خسارة أكبر من استثمارك الأساسي. الأداء السابق في الأسواق المالية ليس مؤشرا على الأداء المستقبلي. يرجى النظر في المخاطر التي تنطوي عليها، والحصول على مشورة مستقلة وقراءة بيان الإفصاح عن المنتج والوثائق القانونية ذات الصلة (المتاحة على موقعنا على الإنترنت www.pepperstone.com) قبل اتخاذ قرار التداول أو الاستثمار.
هذه المعلومات غير مخصصة للتوزيع / الاستخدام من قبل أي شخص في أي بلد يكون فيه هذا التوزيع / الاستخدام مخالفًا للقوانين المحلية."