أنهت وول ستريت جلسة الأمس على ارتفاع ملحوظ ، ما يؤكد أن السيطرة لا يزال بيد المشترين. فقد أغلق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مرتفعاً بنسبة 0.6%، فيما صعد مؤشر ناسداك 100 بنسبة 1.2%، مدعوم بقطاع التكنولوجيا وأشباه الموصلات تحديداً مع التريند الجديد بالتنسيق مابين الشركات الكبرى. هذه المكاسب جاءت في وقت يواصل فيه الفيدرالي دورة خفض الفائدة ، وهو ما يعزز شهيّة المخاطرة ويدفع المستثمرين لملاحقة الأسهم الى الاعلى. لكن خلف هذا المشهد ، يبرز عامل استراتيجي قد يكون الأهم في هذه المرحلة وهي الطريقة التي تعيد بها إنفيديا تمكين دورها ابعد، ليس فقط كمصنع رقائق ، بل كلاعب استثماري مباشر في شركات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا وليس عن طريق الاندماج والاستحواذ بل بطريقة مختلفة تناسب استثنائية انفيديا.
خلال الأعوام الماضية ، ارتكزت قصة إنفيديا على الطلب القياسي على معالجاتها الرسومية (GPUs) التي أصبحت العمود الفقري لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي. لكن الجديد اليوم هو أن الشركة لم تعد تكتفي ببيع المعالجات و باتت تستخدم ميزانيتها العملاقة لتصبح مستثمر مباشر في الشركات التي تحتاج رقائقها.
من الأمثلة الأخيرة ، تقارير عن أن إنفيديا تعتزم ضخ ما يصل إلى 2 مليار دولار في شركة xAI التابعة لإيلون ماسك ، وذلك ضمن جولة تمويلية كبرى تقارب 20 مليار دولار. الصفقة استثمار مالي وايضا ترتبط بعقد طويل الأجل يضمن استئجار xAI لمعالجات إنفيديا على مدى خمس سنوات. بمعنى آخر، إنفيديا تضع المال في شركة ناشئة للذكاء الاصطناعي ، لكنها في الوقت ذاته تضمن أن المال يعود إليها عبر عقود شراء الرقائق. هذه الحلقة المغلقة تمثل نموذج جديد في كيفية إدارة النمو في المرحلة القادمة والاستثمار في العميل مقابل تأمين الطلب المستقبلي.
ولم تقف إنفيديا عند هذا الحد. فقد أعلنت عن استثمار استراتيجي بقيمة 5 مليارات دولار في إنتل ، منافستها التقليدية. الاتفاق يتضمن تعاون في تطوير شرائح لمراكز البيانات والحواسيب المكتبية. هذا التحرك ينقل العلاقة بين إنفيديا وإنتل من خانة التنافس بشكل او اخر إلى شراكة تكاملية ، بحيث يوسع كل طرف نفوذه في سلسلة التوريد. وهنا تكمن أهمية القرار بأن إنفيديا لا تنظر إلى المنافس كمهدد على الاقل في المرحلة الحالية، بل كفرصة لتوسيع منظومتها.
هذا النهج يحمل أبعاد متعددة ، من الناحية التجارية ، إنفيديا تضمن أن الشركات التي تستثمر فيها ستظل مربوطة بها عبر عقود طويلة الأجل. هذا يخلق شبكة من الاعتمادية المتبادلة ، حيث لا تكون إنفيديا مجرد مورد ، بل شريك مالي واستراتيجي. ثانياً، من الناحية المالية ، هذه الاستثمارات تمنحها إمكانية الاستفادة من النمو الرأسمالي لتلك الشركات. فهي لا تجني أرباح من بيع الرقائق، بل ايضا من ارتفاع قيمة أسهم الشركات التي تضخ فيها أموالها.
ثالثاً، هناك بعد سياسي وتنظيمي. مع تزايد التدقيق من الجهات الرقابية على شركات التكنولوجيا الكبرى ، قد يُنظر إلى مثل هذه الاستثمارات بعين الريبة ، خصوصاً أنها قد تؤدي إلى تضخيم الإيرادات بشكل دائري. بعض البنوك الاستثمارية، حذرت من أن هذه العمليات قد تُظهر أرقام مبيعات غير عضوية، ما قد يضع ضغوطاً إضافية على إنفيديا لتفسير نموذجها الجديد بوضوح أكبر.
بعيداً عن قصة إنفيديا، تبقى الصورة الكلية داعمة للأسواق. السياسة النقدية الأميركية تتجه نحو خفض تدريجي للفائدة ، والتوقعات لخفض بمقدار 25 نقطة أساس في الاجتماع المقبل للفيدرالي ما زالت مسعرة بنسبة تفوق 90%. هذه القناعة تعطي للأسهم دفعة إضافية ، حتى مع استمرار الغموض السياسي المرتبط بالإغلاق الحكومي.
في سوق العملات ، ارتفع مؤشر الدولار (DXY) بشكل جانبي نحو مستويات 98-99، وهو ما جاء مدفوع بضعف الين الياباني. السبب يعود إلى القيادة الجديدة في طوكيو التي ترى التوجه لزيادة الإنفاق الحكومي في وقت تتزايد فيه توقعات الأسواق بأن بنك اليابان لن يواصل مسار رفع الفائدة ، وهو ما يعيد الضغط على العملة اليابانية. في المقابل، واجه اليورو بعض الضغوط بسبب التغيرات السياسية في فرنسا والتي أثارت قلق المستثمرين بشأن استقرار الحكومة والتوجهات المستقبلية الضبابية، ليظل الاتجاه العام للعملة الأوروبية مائلاً للانخفاض.
أما الذهب ، فقد واصل الاستفادة من هذه البيئة ، مستقر فوق مستوى 4000 دولار للأونصة بعد أن لامس حاجز 4060 في وقت سابق بالامس. المعدن النفيس اصبح كلام الناس وتصدر عناوين الاخبار ولاسباب جيده وذلك لتغير دوره من مجرد اداة تقليدية الى أداة تنويع استراتيجية داخل المحافظ الاستثمارية ، خصوصاً مع تصاعد الحديث عن تضخم تقييمات الأسهم الأميركية واقترابها من مستويات فقاعة محتملة.
الخلاصة أن الأسواق الأميركية تواصل صعودها بدعم الزخم القوي لقطاع التكنولوجيا، لكن القصة الأعمق تكمن في كيفية إعادة إنفيديا تمكين دورها من مصنع رقائق إلى مستثمر استراتيجي يمسك بخيوط النظام البيئي للذكاء الاصطناعي. نعم ، هناك مخاطر تتعلق بالإيرادات الدائرية الناتجة عن استثماراتها في عملاء يستخدمون رقائقها، لكن هذه الاستراتيجية تضعها في موقع مختلف عن أي منافس وقد تمنحها تفوق هيكلي طويل الأمد.
في هذه البيئة، يظل الذهب في موقع قوة، والسندات تعكس توقعات خفض تدريجي للفائدة، والدولار يتذبذب بين 98 و99 مدفوعا بعوامل آسيا وأوروبا. أما الأسهم ، فهي تستفيد من مزيج من التيسير النقدي وتدفقات السيولة المستمرة. الأسواق اليوم ليست انعكاس لبيانات أو خطابات ، بل تمركز من قبل لاعبين كبار مثل إنفيديا ، وهو ما يجعل مراقبة تحركاتها جزء أساسي من قراءة المشهد الاستثماري العالمي.
"لم يتم إعداد المواد المقدمة هنا وفقًا للمتطلبات القانونية المصممة لتعزيز استقلالية البحث الاستثماري، وعلى هذا النحو تعتبر بمثابة وسيلة تسويقية. في حين أنه لا يخضع لأي حظر على التعامل قبل نشر أبحاث الاستثمار، فإننا لن نسعى إلى الاستفادة من أي ميزة قبل توفيرها لعملائنا.
بيبرستون لا توضح أن المواد المقدمة هنا دقيقة أو حديثة أو كاملة ، وبالتالي لا ينبغي الاعتماد عليها على هذا النحو. لا يجب اعتبار المعلومات، سواء من طرف ثالث أم لا، على أنها توصية؛ أو عرض للشراء أو البيع؛ أو التماس عرض لشراء أو بيع أي منتج أو أداة مالية؛ أو للمشاركة في أي استراتيجية تداول معينة. لا يأخذ في الاعتبار الوضع المالي للقراء أو أهداف الاستثمار. ننصح القراء لهذا المحتوى بطلب المشورة الخاصة بهم والإستعانة بخبير مالي. بدون موافقة بيبرستون، لا يُسمح بإعادة إنتاج هذه المعلومات أو إعادة توزيعها.
تداول العقود مقابل الفروقات والعملات الأجنبية محفوف بالمخاطر. أنت لا تملك الأصول الأساسية و ليس لديك أي حقوق عليها. إنها ليست مناسبة للجميع ، وإذا كنت عميلاً محترفًا ، فقد يؤدي ذلك إلى خسارة أكبر من استثمارك الأساسي. الأداء السابق في الأسواق المالية ليس مؤشرا على الأداء المستقبلي. يرجى النظر في المخاطر التي تنطوي عليها، والحصول على مشورة مستقلة وقراءة بيان الإفصاح عن المنتج والوثائق القانونية ذات الصلة (المتاحة على موقعنا على الإنترنت www.pepperstone.com) قبل اتخاذ قرار التداول أو الاستثمار.
هذه المعلومات غير مخصصة للتوزيع / الاستخدام من قبل أي شخص في أي بلد يكون فيه هذا التوزيع / الاستخدام مخالفًا للقوانين المحلية."