شهدت الأسواق استجابة متسارعة للتطورات الجيوسياسية الأخيرة بطريقة تبرز أهمية قراءة الحركات المتقاطعة بين الأصول وفهم العلاقات الديناميكية بينها. عندما قفز خام برنت بشكل حاد فوق 75 دولاراً للبرميل بعد فترة من التماسك قرب المتوسطات، بدا واضحاً أن الأسواق تسعر بسرعة احتمالية تعثر الإمدادات أو ارتفاع تكلفة المخاطر على قطاع الطاقة.
هذه الاندفاعة الفنية لم تأتِ من فراغ فالأخبار التي بدأت من تقارير أولية عن ضربات في إيران دفعت إلى إعادة تقييم مراكز المتداولين الذين كانوا يتمتعون بهدوء نسبي قبيل ذلك. ومع ذلك، فإن هذا الصعود الحاد غالباً ما يصحبه تصحيح جزئي أو إعادة اختبار للدعم عند مستويات نحو 70–72 دولاراً قبل أن يُحدد اتجاه الموجة التالية وهو أمر ينبغي مراقبته قبل تكثيف المراكز.
في الوقت نفسه، كان الذهب يتقدم بوتيرة متصاعدة بعد تشكّل قاعين متقاربين حول 3,150–3,170 دولار ولكن ذلك على خلفية التوترات التجارية، ما أعطى إشارة انعكاس نحو الصعود وتعزز بالمخاطر الجيوسياسية في منظة الشرق الاوسط. الاقتراب المتكرر من مستوى المقاومة عند نحو 3,440–3,450 دولار والمستويات الاعلى من ثمانية اسابيع يعكس حالة التحوط لدى المستثمرين الذين يلجؤون إلى الذهب كملاذ في ظل ارتفاع مخاطر التضخم المحتمل نتيجة التحرك في اسعار الطاقة او ان قول الجزم بزيادة الضغوط التضخمية من هذا العنصر فقط لا يزال سابق لأوانه. إذا تجاوز الذهب هذا الحاجز بثبات، فقد يشير ذلك إلى استمرار الضغط على الأسواق بدعم من حالة عدم وضوح حول مدى طول الأزمة الجيوسياسية، بينما الارتداد دون هذا المستوى قد يعيد النظر العلاوة ويجعل الدعم حول 3,300–3,350 دولار وهو متوسط الخمسين يوم ومرجع أساسي لقياس الموجة التالية.
على جانب الأسهم، قدّم مؤشر S&P500 مثالاً واضحاً على ضعف الزخم الصاعد حين بلغ نحو 6,050 نقطة قبل أن يشهد هبوطاً مباشر إلى نحو 5,930. هذا التراجع المفاجئ يبدو نتيجة مباشرة لحالة تفضيل الملاذات بدافع إعادة تسعير المخاطر، كما أن ارتفاع تكلفة الطاقة وتوقعات التضخم يدفعان بعض المستثمرين إلى تقليص التعرض للأسهم الحساسة للرافعة المرتفعة أو القطاعات الدورية. التقنية هنا تظهر رفضاً للارتفاع عند قمم جديدة، ما يستوجب متابعة مستويات الدعم الأهم التي قد تتحدد عند نحو 5,900 أو 5,880 نقطة، إذ أن كسرها قد يفتح المجال لمزيد من الانخفاض المؤقت قبل أن تتضح الرؤية مجدداً. ولكن ارى ان هذا السيناريو هي الطريق الاقل سلاسة.
عند ربط الحركة في النفط والذهب والأسهم، يتضح أن ارتفاع النفط يعزز توقعات التضخم ويُثقل على الأرباح المستقبلية للشركات ، ما يعيد توجيه سيولة نحو السندات والملاذات. انخفاض العوائد الحقيقية يجعل الذهب أكثر جاذبية، وارتفاع العوائد الاسمية مدعوماً بضغط التضخم المحتمل يجعل العوائد الحقيقية أقل جاذبية للسندات، لكن الطلب الآني على الحماية يخفض مؤقتاً عوائد الآجل كما هو الحال الان مع اجال 10 و 30 سنة وهي عند 4.34% و 4.84% على التوالي.
لا يمكن إغفال أهمية مصدر الخبر وسرعة انتشاره فقد بدأ الشعور بالمخاطر لدى بعض المستثمرين استناداً إلى تقارير أولية، ثم تتابع الأخبار من مصادر متنوعة عزز من حرارة حركة الأسعار. هذا لا يعني تجاهل الحركة السعرية في حد ذاتها، بل التعامل معها باعتبارها جزءاً من سيناريوهات متداخلة يُبنى على الاعتدال في الضخ أو التخفيف التدريجي للمراكز حين تتضح الإشارات.
من زاوية استشرافية، يظل احتمالان رئيسيان: الأول استمرار حالة التصعيد التي تحافظ على ضغوط على الطاقة والسلع والملاذات مع تراجع معنويات الأسهم، والثاني تراجع حدة التوتر عبر بوابة المفاوضات أو استعدادات دبلوماسية تؤدي إلى تصحيح تدريجي في النفط وانتعاش نسبي للأسهم. أما السيناريو المرجح من وجهه نظري ان تكثافة الاحتمالية عند درجة من التذبذب مرتفعة ولكن اميل الى السيناريو الاخير الذي سيصل الى الجهود السياسية ولكن الوقت لا يزال غير معلوم، حيث ترتفع الأسعار أحياناً مع الكشف عن تطورات جديدة ثم تعود إلى مستويات أقل قبيل دفع الأخبار الجديدة مرة أخرى – اي بيئة تقلب في حركة الاسعار. يستدعي ذلك ضبط إدارة المخاطر للحفاظ على سيولة كافية أو أدوات تحوط، سواء عبر مراكز صغيرة في الذهب أو صناديق الطاقة أو عقود الخيارات.
استقرار النفط فوق مستويات الدعم بعد التصحيح يعني احتمال بقاء الضغوط التضخمية قائمة، ما يستدعي مواصلة متابعة القطاعات القادرة على التكيّف مع بيئة تكلفة أعلى أو التي توفر غطاءً ضد التضخم. أما إذا ظهرت بوادر عودة للتوازن في أسواق الطاقة، فقد تفتح الفرصة لمراجعة مستويات المخاطر في الأسهم الدورية ودعم التعافي الجزئي. خلال هذه المراقبة، من المهم الأخذ بعين الاعتبار دور الأخبار الجيوسياسية الجديدة التي قد تغير التوقعات بسرعة.
وهكذا ، يتضح أن الجمع بين القراءة الفنية والاعتبارات الأساسية هو المفتاح ولكن هي بطبيعة الحال مهمة شاقة. النماذج في الرسوم البيانية لا يمكن فصلها عن السياق الذي دفع إليها فالانفجار السعري للنفط مرتبط بتسعير سريع للمخاطر على الإمدادات، ونمو الذهب مدعوم بضغط الملاذ والحالة التضخمية المحتملة، وهبوط الأسهم جاء نتيجة لتفضيل الأمان وإعادة التقييم للهوامش الربحية.
لذا فالمتداولين على المدى القصير يحتاجون إلى مرونة في تعديل المراكز بناءً على تأكيدات جديدة للتطورات، وليس انتظار تأكيد كامل قبل اتخاذ إجراء، مع عدم الإفراط في المخاطرة. في النهاية، تكمن قوة القرار في قدرة الربط بين إشارات الرسوم البيانية والوقائع الأساسية والأخبار – مره اخرى مهمة شاقة ولكن يمكن تداول إشاراتها في هذا البيئة.
"لم يتم إعداد المواد المقدمة هنا وفقًا للمتطلبات القانونية المصممة لتعزيز استقلالية البحث الاستثماري، وعلى هذا النحو تعتبر بمثابة وسيلة تسويقية. في حين أنه لا يخضع لأي حظر على التعامل قبل نشر أبحاث الاستثمار، فإننا لن نسعى إلى الاستفادة من أي ميزة قبل توفيرها لعملائنا.
بيبرستون لا توضح أن المواد المقدمة هنا دقيقة أو حديثة أو كاملة ، وبالتالي لا ينبغي الاعتماد عليها على هذا النحو. لا يجب اعتبار المعلومات، سواء من طرف ثالث أم لا، على أنها توصية؛ أو عرض للشراء أو البيع؛ أو التماس عرض لشراء أو بيع أي منتج أو أداة مالية؛ أو للمشاركة في أي استراتيجية تداول معينة. لا يأخذ في الاعتبار الوضع المالي للقراء أو أهداف الاستثمار. ننصح القراء لهذا المحتوى بطلب المشورة الخاصة بهم والإستعانة بخبير مالي. بدون موافقة بيبرستون، لا يُسمح بإعادة إنتاج هذه المعلومات أو إعادة توزيعها.
تداول العقود مقابل الفروقات والعملات الأجنبية محفوف بالمخاطر. أنت لا تملك الأصول الأساسية و ليس لديك أي حقوق عليها. إنها ليست مناسبة للجميع ، وإذا كنت عميلاً محترفًا ، فقد يؤدي ذلك إلى خسارة أكبر من استثمارك الأساسي. الأداء السابق في الأسواق المالية ليس مؤشرا على الأداء المستقبلي. يرجى النظر في المخاطر التي تنطوي عليها، والحصول على مشورة مستقلة وقراءة بيان الإفصاح عن المنتج والوثائق القانونية ذات الصلة (المتاحة على موقعنا على الإنترنت www.pepperstone.com) قبل اتخاذ قرار التداول أو الاستثمار.
هذه المعلومات غير مخصصة للتوزيع / الاستخدام من قبل أي شخص في أي بلد يكون فيه هذا التوزيع / الاستخدام مخالفًا للقوانين المحلية."