لم تتأخر الأسواق كثيرا في استيعاب الصدمة التي أصابتها مع نهاية الأسبوع الماضي بفعل بيانات سوق العمل. فعلى أرقام تقرير الوظائف الأمريكية يوم الجمعة، عادت المؤشرات إلى مسار متحفظ وأخذ ارباح من قمة الاسبوع الماضي ، بينما تحركت بقية الأصول بما يعكس مزيجاً من إعادة التموضع الدفاعي وتوقعات متزايدة بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيمنحها مظلة تيسيرية مريحة قريباً. على هذه الخلفية، تبقى تقلبات الجلسات المقبلة رهينة بمحاور رئيسة منها ديناميكية سوق النفط بعد إعلان أوبك+ زيادة إنتاجها و ضغوط واشنطن المتصاعدة على مستوردي الخام الروسي خصوصاً الهند، أداء سوق العمل الأميركي والتقرير القادم الذي سيكون بالغ الاهمية، وتحركات عائدات الخزانة والدولار التي تُشكِّل انعكاس لشهية المخاطرة.
في سوق الطاقة أوبك+ استمرت في المحافظة سحب البراميل الإضافية ، ما انعكس فوراً على منحنى برنت الذي تراجع إلى ما دون 70 دولاراً للبرميل. الرسم البياني يبين أن السعر اختبر متوسطه المتحرك لمدة 50 يوماً أكثر من مرة خلال الأسابيع الماضية، لكنه فشل في الحفاظ على اختراق مستدام فوقه، فتكون نطاق أفقي عنيد بين 68 و72 دولاراً. الارتداد الأخير من مستوى 75 دولاراً أخمد أي الصعودي قصير الأجل وأعاد التوجه الى قُرب 68 دولاراً وهو الحد الأدنى الذي راكم المشترون عنده مراكز. الرهان الآن على قدرة العقوبات الأميركية المرتقبة على الخام الروسي في إبقاء المخزونات العالمية مشدودة. وإذا دفعت واشنطن نيودلهي لخفض وارداتها من خام النفط الذي يقدر بنحو 1.5 مليون برميل، فقد يتلاشى جزء من الفائض المرتقب من الاسواق العالمية على خلاف النفط الروسي ، وهو ما قد يجعل 68 دولاراً دوره كمنطقة دفاع بدلاً من أن يتحول إلى بوابة هبوط جديدة.
هذا السياق يلتقي مع حالة ترقب الحذر في وول ستريت. المؤشر S&P 500 عوَّض نحو 1.5 % من الخسارة التي بلغت 3 % خلال الاسبوع الماضي في مطلع الأسبوع، واستقرّ فوق مستوى 6300 بعد أن لمس قاع الجمعة عند نطاق 6230. اللافت هذه المرة أنّ الارتداد جاء شاملاً وبمشاركة أكثر من 85 % من المكوِّنات أغلقت باللون الأخضر، يقودها قطاع ، لكنه حظي بدعم واضح من الاتصالات والخدمات والمرافق أيضاً، ما يعكس انخفاضاً في تركُّز الأداء ويعطي الانطباع بأن الصناديق الساعية إلى تداول الهبوط الماضي عن طريق البيع على المكشوف اضطرت إلى تغطية بعض مراكزها. التقنيون سيراقبون الان اختراق قمة الجمعة الماضي كإشارة تأكيد لاستئناف موجة الصعود ، لكن حتى في حال التردد في الموجة الشرائية، فإن التمسك بالدعم المحوري عند 6230 يُبقي الهيكل العام إيجابياً.
العامل الذي يشكل رافعة خفية للأسهم هو ترسُخ الاعتقاد بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيُعلن خفضاً بربع نقطة أساس في اجتماع سبتمبر، مع فتح الباب لخفض آخر قد يصل إلى نصف نقطة إذا جاءت بيانات الوظائف هذا الشهر ضعيفة بصورة لافتة - أي دون 75 ألف وظيفة جديدة مع زيادة البطالة. سوق عقود المبادلة تضع احتمالية الخفض الأول قرب 90 % اي تقريباً مسعر بشكل تام في الاجتماع القادم. هذه التوقعات انعكست جلياً على منحنى عائدات الخزانة إذ هبط العائد على السندات العشرية من نطاق عند 4.35% الاسبوع الماضي إلى حوالى 4.20%، في إشارة إلى تبني المتعاملين وضعية دفاعية. مثل هذه الحركة تريح تقييمات الأسهم نظرياً، بما أنها تقلص معدل الخصم على التدفقات المستقبلية، لكنها في الوقت نفسه توحي بمخاوف كامنة بشأن نمو الأرباح إذا ما تباطأ الاقتصاد بوتيرة أسرع من اللازم.
في ساحة العملات، القصة هي قصة الدولار بالمنظور الاول. حيث ظل مؤشر الدولار في نطاق ضيق لكنه مائل للتراجع الطفيف، مع ثبات EURUSD حول حاجز 1.16 الذي لم ينجح حتى الآن في تحفيز اختراق صعودي. قد تكون هناك إشارات بأن الأسواق لا ترى حالياً مخاطر نظامية نابعة من تفاوت اكبر في المسار النقدي بين المركزي الأوروبي والاحتياطي الفيدرالي. غير المفاجئات السلبية في تقارير الوظائف قد تعيد إحياء سيناريو دولار أضعف بكثير، وهو ما يشكّل دعماً مباشر للسلع المسعرة بالدولار، خصوصاً الذهب.
وبالحديث عن المعدن النفيس، فقد وجد دعماً متيناً حول 3300 دولار للأونصة وعاد ليتجاوز3380، مرتفعاً فوق متوسطه المتحرك ل50 يوم بعد إغلاقين متتاليين تحته للمرة الأولى منذ السادس من يناير. الارتداد مدفوع بمزيج من تراجع العائدات الحقيقية، ارتفاع تغطية المضاربة على مراكز البيع، وسردية تزايد طلب البنوك المركزية ولا سيما في الأسواق الناشئة على الاحتياطيات البديلة تحسباً لتقلبات السياسة النقدية الأميركية. احتفاظ الذهب بهذا الزخم يتوقف على تحرُك الدولار وعوائد الخزانة من جهة، وعلى صدور بيانات تضخم معتدلة من جهة أخرى ، فالسيناريو المثالي في الاجل القصير للمعدن الأصفر يبقى هبوط الجانبي واعادة اختبار الدعم الدعم النفسي 3300 ربما قبل بيانات مؤشر اسعار المستهلك الاسبوع القادم.
وبالمختصر ، يبدو أن الأسواق تتعامل مع الأسبوع الراهن بوصفه فترة انتقالية ولاختبار المعنويات ولكن مع بقاء مخاوف سوق العمل على مكتب كل مهتم بالاسواق المالية. التهدئة الذي سمح لأسهم وول ستريت بتعويض نصف خسائرها الأخيرة في مطلع الاسبوع مدعوم من اعتقادات الدعم من السياسية النقدية وبيئة دعم ربما مشابهه لربع الرابع من العام الماضي مع التحفظ على معدلات النمو. بينما تبقى أسواق الطاقة العامل المجهول في التحرك على وجهه الخصوص مع انعكاسات المخاطر الجيوسياسية وحملة واشنطن على نفط روسيا المخفض، وتذبذب الطلب الصيفي قد تجتمع لتزرع دورات متوالية من الصعود والهبوط في برنت وهو بيئة جيدة للمضاربة على التقلبات.
"لم يتم إعداد المواد المقدمة هنا وفقًا للمتطلبات القانونية المصممة لتعزيز استقلالية البحث الاستثماري، وعلى هذا النحو تعتبر بمثابة وسيلة تسويقية. في حين أنه لا يخضع لأي حظر على التعامل قبل نشر أبحاث الاستثمار، فإننا لن نسعى إلى الاستفادة من أي ميزة قبل توفيرها لعملائنا.
بيبرستون لا توضح أن المواد المقدمة هنا دقيقة أو حديثة أو كاملة ، وبالتالي لا ينبغي الاعتماد عليها على هذا النحو. لا يجب اعتبار المعلومات، سواء من طرف ثالث أم لا، على أنها توصية؛ أو عرض للشراء أو البيع؛ أو التماس عرض لشراء أو بيع أي منتج أو أداة مالية؛ أو للمشاركة في أي استراتيجية تداول معينة. لا يأخذ في الاعتبار الوضع المالي للقراء أو أهداف الاستثمار. ننصح القراء لهذا المحتوى بطلب المشورة الخاصة بهم والإستعانة بخبير مالي. بدون موافقة بيبرستون، لا يُسمح بإعادة إنتاج هذه المعلومات أو إعادة توزيعها.
تداول العقود مقابل الفروقات والعملات الأجنبية محفوف بالمخاطر. أنت لا تملك الأصول الأساسية و ليس لديك أي حقوق عليها. إنها ليست مناسبة للجميع ، وإذا كنت عميلاً محترفًا ، فقد يؤدي ذلك إلى خسارة أكبر من استثمارك الأساسي. الأداء السابق في الأسواق المالية ليس مؤشرا على الأداء المستقبلي. يرجى النظر في المخاطر التي تنطوي عليها، والحصول على مشورة مستقلة وقراءة بيان الإفصاح عن المنتج والوثائق القانونية ذات الصلة (المتاحة على موقعنا على الإنترنت www.pepperstone.com) قبل اتخاذ قرار التداول أو الاستثمار.
هذه المعلومات غير مخصصة للتوزيع / الاستخدام من قبل أي شخص في أي بلد يكون فيه هذا التوزيع / الاستخدام مخالفًا للقوانين المحلية."