المشهد السياسي في الولايات المتحدة ما زال يطغى عليه الجمود ، إذ لم نشهد حتى الآن أي اختراق حقيقي في أزمة الإغلاق الحكومي. الخلافات بين المشرعين حول تمرير ميزانية مؤقتة لا تزال مستمرة ، ما يجعل احتمالية استمرار هذا الإغلاق قائمة ولفترة اطول. ومع ذلك، فإن رد فعل الأسواق لم يكن حاد، بل على العكس، أبدت قدراً من اللامبالاة النسبية كما هو متوقع. هذا يعود إلى القناعة المتزايدة لدى المستثمرين بأن مثل هذه الأزمات ، رغم ضجيجها السياسي ، غالباً ما يتم تجاوزها في النهاية، كما أثبتت تجارب الإغلاقات السابقة. وبناءً على ذلك، فإن المخاطر الهيكلية للأسواق تبقى محدودة ، ولو أن عامل الزمن قد يترك ندوباً في النشاط الاقتصادي والثقة العامة على المدى القصير ولو ان ذلك يتم التعافي منه سريعاً.
غير أن التحدي الحقيقي لا يكمن فقط في السياسة ، بل في توقف تدفق البيانات الاقتصادية الرسمية. تقرير الوظائف غير الزراعية NFP الذي كان من المفترض صدوره اليوم الجمعة قد يغيب عن المشهد إذا استمر الإغلاق. أهمية هذا التقرير لا تخفى على أحد ، فهو المؤشر الأكثر تأثيراً على الأسواق في البيئة الحالية، إذ يشكل مرجع أساسي لقياس قوة سوق العمل من حيث التوظيف والأجور ونسب البطالة. وفي هذه المرحلة ، حيث يبحث الفيدرالي عن إشارات تأكد له مسار السياسة النقدية ، فإن غياب التقرير يعادل فقدان البوصلة. هذا العمى الجزئي يجعل المستثمرين وصناع القرار يسيرون في منطقة ضبابية ، الأمر الذي يرفع منسوب التوتر ويزيد من احتمالية سوء التقدير في تسعير المخاطر وخصوصا اذا طال الاغلاق.
رغم ذلك ، لا تزال الأسواق على قدر من الثبات. فالتسعير الحالي يظهر أن احتمال خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع الفيدرالي المقبل يقارب 90%، ما يعكس ثقة عميقة بأن التوجه نحو التيسير سيستمر، حتى مع تعطل البيانات. هذا يعكس إدراك بأن مسار الاقتصاد يتطلب دعم إضافي، وأن المخاطر تميل إلى جانب التباطؤ أكثر من التضخم.
في موازاة ذلك، تتجه الأنظار في نهاية هذا الاسبوع هذا الأسبوع إلى اجتماع أوبك+ الذي قد يحمل في طياته تطورات مهمة لسوق الطاقة. التوقعات تشير إلى احتمال إعلان التحالف عن زيادة اكبر من المتوقع سابقا في الإنتاج، في محاولة لموازنة السوق بين دعم الأسعار ومراعاة المخاطر التي يفرضها التباطؤ الاقتصادي العالمي. هذه خطوة تشكل ضغطاً إضافياً على أسعار النفط ، خاصة في ظل ضعف الطلب من الصين . الرسم البياني لخام برنت يعكس هذه الضغوط بوضوح ، حيث يتداول السعر حالياً عند 64.7 دولار بعد أن كسر مستوى دعم رئيسياً قرب 65 دولار. هذا الاختراق يعكس أن موجة البيع تزداد قوة ، وأن الإعلان عن زيادة الإنتاج قد يدفع الأسعار إلى مستويات أدنى في الأجل القريب، ما يجعل الموقف حساس بالنسبة للمنتجين ولكن اعتقد ان التوجه العام هو المحافظة والاستحواذ على حصه سوقية اكبر.
أما على صعيد الأسهم ، التي سجلت اعلى تاريخي جديد ، فقد تصدرت تسلا المشهد بأرقام تسليم مذهلة في الربع الثالث من عام 2025. الشركة أعلنت تسليم 497 ألف مركبة، متجاوزة بسهولة توقعات وول ستريت التي دارت حول 447 ألف. هذا الإنجاز جاء مدفوع بشكل رئيسي بالحوافز الضريبية الأميركية التي انتهت مع نهاية سبتمبر، ما دفع المستهلكين إلى الإسراع في الشراء قبل انتهاء هذه الامتيازات. النتيجة كانت قفزة كبيرة في المبيعات عززت موقع الشركة وأعطت دفعة قوية لسهمها.
من الناحية الفنية ، يظهر الرسم البياني أن سهم تسلا اخترق نموذج المثلث الصاعد بقوة، ليقفز من مستويات 350 دولار إلى قرابة 470 دولار في فترة قصيرة للغاية. هذا الارتفاع السريع يعكس شهية قوية من المستثمرين وإقبال واسع على أسهم الشركة، مدفوعا بالتوقعات العالية. لكن الأسواق بطبيعتها لا تسير في خط مستقيم ، فجاءت جلسة الأمس لتشهد تراجعاً حاداً تجاوز 5% إلى مستوى 436 دولار. هذا التراجع يعكس ما يعرف في الأسواق بظاهرة بيع الخبر ، حيث يقوم المستثمرون بجني الأرباح بعد موجة صعود قوية.
الذهب واصل اندفاعه الصاعد ليسجل 3855 دولار للأونصة بعد أن لامس مستويات قريبة من 3900 ، مدعوما بتوقعات الفيدرالي بمزيد من التيسير، وعمليات شراء متواصلة من البنوك المركزية. المعدن الأصفر الاداه الأبرز في بيئة تتسم بعدم اليقين السياسي وتقييمات الأسهم المرتفعة. الفضة بدورها لحقت بالموجة ، لتصل إلى 47 دولار، وهو أعلى مستوى لها منذ عام 2011 ، مستفيدة من الطلب الاستثماري وهذا الصعود المزدوج يعكس انتقال الاهتمام نحو الأصول الملموسة لتحوط المحافظ من تقلبات الأسواق الكلية.
اللوحة الكاملة اليوم تجمع بين السياسة المتخبطة في واشنطن ، وتحديات البيانات الغائبة ، وضغوط أسواق الطاقة ، وقطاع التكنولوجيا. الأسواق تتحرك وفق هذه الخلفيات من جهة، الثقة بأن التيسير النقدي قادم تدعم المزاج العام ، ومن جهة أخرى، يظل غياب البيانات الأساسية وخطر الإغلاق الحكومي. في هذا المشهد، يبرز الذهب كاداة استراتيجية يزداد الطلب عليه يوماً بعد يوم، فيما تحاول الأسهم الاستفادة من الزخم الإيجابي طالما أن الفيدرالي لم يغير قواعد اللعبة. الأسواق اليوم بل ميدان يختبر قدرة المستثمرين على قراءة التوازن بين التفاؤل والحذر.
"لم يتم إعداد المواد المقدمة هنا وفقًا للمتطلبات القانونية المصممة لتعزيز استقلالية البحث الاستثماري، وعلى هذا النحو تعتبر بمثابة وسيلة تسويقية. في حين أنه لا يخضع لأي حظر على التعامل قبل نشر أبحاث الاستثمار، فإننا لن نسعى إلى الاستفادة من أي ميزة قبل توفيرها لعملائنا.
بيبرستون لا توضح أن المواد المقدمة هنا دقيقة أو حديثة أو كاملة ، وبالتالي لا ينبغي الاعتماد عليها على هذا النحو. لا يجب اعتبار المعلومات، سواء من طرف ثالث أم لا، على أنها توصية؛ أو عرض للشراء أو البيع؛ أو التماس عرض لشراء أو بيع أي منتج أو أداة مالية؛ أو للمشاركة في أي استراتيجية تداول معينة. لا يأخذ في الاعتبار الوضع المالي للقراء أو أهداف الاستثمار. ننصح القراء لهذا المحتوى بطلب المشورة الخاصة بهم والإستعانة بخبير مالي. بدون موافقة بيبرستون، لا يُسمح بإعادة إنتاج هذه المعلومات أو إعادة توزيعها.
تداول العقود مقابل الفروقات والعملات الأجنبية محفوف بالمخاطر. أنت لا تملك الأصول الأساسية و ليس لديك أي حقوق عليها. إنها ليست مناسبة للجميع ، وإذا كنت عميلاً محترفًا ، فقد يؤدي ذلك إلى خسارة أكبر من استثمارك الأساسي. الأداء السابق في الأسواق المالية ليس مؤشرا على الأداء المستقبلي. يرجى النظر في المخاطر التي تنطوي عليها، والحصول على مشورة مستقلة وقراءة بيان الإفصاح عن المنتج والوثائق القانونية ذات الصلة (المتاحة على موقعنا على الإنترنت www.pepperstone.com) قبل اتخاذ قرار التداول أو الاستثمار.
هذه المعلومات غير مخصصة للتوزيع / الاستخدام من قبل أي شخص في أي بلد يكون فيه هذا التوزيع / الاستخدام مخالفًا للقوانين المحلية."