تقترب أسواق الأسهم من مستويات قياسية، مع بقاء مؤشر العقود المستقبلية عند نطاق 6 آلاف نقطة بعد نتائج جولة مفاوضات لندن التي أسفرت عن إطار عام لاستمرار تخفيض التعريفات الجمركية وتطبيقها. عززت هذه النتائج معنويات المتداولين، لكن السوق بدا أنه كان يتوقع نتائج أكثر وضوحاً فلم يعكس الإعلان تغييرا جوهريا فورياً بل ظهرت التحركات بالتدريج خلال يومي المفاوضات مطلع الاسبوع مع تعليقات محدودة من الطرفين. ولدى صدور تصريحات لاحقة تفيد بأن المفاوضات الثنائية قد تصل إلى مرحلة خذ أو اترك بالنسبة للتعريفات الأمريكية، تلاشى بعض التفاؤل المسعر سابقاً وأشير إلى احتمال عودة التعريفات "المتبادلة" مع اقتراب انتهاء المهلة الشهر المقبل.
تفتح هذه المستجدات الباب أمام تقلبات محتملة، مما يستدعي متابعة ذلك على معنويات المستثمرين وتدفقات رأس المال نحو الأسهم. ورغم ذلك، قد يستمر المؤشر في التحليق قرب القمم ، في حين سيؤدي التصعيد الإضافي بملف التعريفات إلى تقلبات أكبر، خصوصاً الشهر القادم اذا لم يكن هناك موافقة على "اي شيء" الان ثم مناقشة التفاصيل لاحقاً كما هو الحال من المفاوضات الصينية الاميركية. وصول مستويات سوق الاسهم الى قرب المستويات القياسية ، جيد من ناحية ومن ناحية اخرى تبرر مقولة ان "سوق الاسهم ليس الاقتصاد" وذلك لان المخرجات الاقتصادية الحقيقة لا تزال لم تعكس اثر التعريفات الجمركية والاثر الفعلي للنمو الاقتصادية. بيانات اسعار المستهلك تشير الى توافق مع توقعات الاقتصاديين ولم يعطي اشارة الى انعكاس على الاقل الى الان على الاثر الفعلي على التعريفات التي تم تمريرها على المستهلك الاميركي. ومن منطلق اخر ومثير للقلق ، كل هذه التحركات بفرض التعريفات الجمركية ، والان المؤشر اعلى من مستوى 6 الاف نقطة ولم يظهر اثر ذلك على التضخم بعد ، قد يدفع الادارة الاميركية الى التشدد في فرض الرسوم الجمركية والتعنت في المفاوضات. هذا الاحتمال وارد ولكن متشائم ولكن سأعيد مراجعته اذا اتجهت الامرو الى هذا النصاب.
وفي مكان اخر ، على صعيد العملات، تراجع مؤشر الدولار إلى أدنى مستوى له في ثلاثة أسابيع قرب مستوى 98، وهو الأضعف منذ الربع الأول من 2022. تاريخياً، ظل الدولار فوق 100 فقط نحو 25% من الوقت منذ عام 2000. ويمكن شرح ذلك بما يعكس دوره خلال فترات نمو مطلع الألفين، والاستخدام الواسع في أوقات الأزمات كالتمويل العقاري، ثم الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة بعد جائحة كوفيد لكبح التضخم وما تلاها من نمو استثنائي. أرى أن هذا التراجع يمثل عودة إلى قيمة أكثر طبيعية منه دلالة على ضعف هيكلي دائم، وذلك النقاشات الذي تتطيق الى انحسار مكانة الدولار كعملة احتياطية ، ليس لها قاعدة صلبة ، بل ان مكانة الودلار ليس لها منازع. الوضع الحالي يتصل بنظرية "ابتسامة الدولار" بانخفاض نمو مؤقت يدفع العملة للتراجع، بسبب عمليات الحوط على الاتجاه الاغلب ، وقد يمتد المسار مع توقعات خفض الفائدة العام المقبل، لكن مدى الهبوط سيتوقف على صلابة الاقتصاد الأمريكي وعودة النمو، إلى جانب توجهات السياسة النقدية. لذا يبقى رصد بيانات النمو والتضخم وخطوات الاحتياطي الفيدرالي أمراً أساسياً لتقييم مدى التراجع وليس مكانة الدولار.
من جهة أخرى، لعبت التطورات الجيوسياسية دوراً لافتاً في تحركات سوق النفط خلال ال24 ساعة الاخيرة. فقد أعرب البيت الأبيض عن تشاؤم بشأن المفاوضات مع إيران حول الاتفاق النووي، ورفض الاحتفاظ بمستويات اليورانيوم التي تعتبرها واشنطن غير مقبولة، ما أدى إلى قرار بعدم مشاركة الوفد الأمريكي في اجتماع الاحد لاذي كان مرتقب، وأيضاً عمليات إخلاء موظفين في بعض السفارات بالمنطقة، مما رفع وتيرة التوتر وأثار تكهنات عن احتمال مناورات عسكرية تؤكد جدية الموقف الأمريكي والإسرائيلي تجاه الملف النووي الإيراني. هذه الأخبار كانت المحرك الأول لصعود أسعار خام برنت.
انعكست المخاوف فوراً على أسواق الطاقة ، إذ سجّل خام برنت ارتفاعاً تجاوز 5% في جلسة واحدة، من متوسط 50 يوماً قرب 66 دولاراً إلى مكاسب قرب 70 دولاراً للبرميل، قبل أن يتراجع قليلاً من تلك القمة. ومع ذلك، ظلت العلاوة الجيوسياسية بارزة، وبقي الخام يتداول عند مستويات أعلى مقارنة بما قبل فترة الهدوء النسبي. ورغم المخاوف التضخمية المحتملة جراء التعريفات الجمركية، يبدو أن السوق يستوعب زيادات إنتاج أوبك بلس بقيادة السعودية بفضل استمرار قوة الطلب العالمية.
وتجتمع هذه العوامل لتبرز انشغالاً متزايداً بعدم الاستقرار المحتمل في منطقة الشرق الأوسط، وإمكانية تعطيل الإمدادات عبر مضيق هرمز. وفي الوقت نفسه، تشير مؤشرات الطلب إلى قوة أفضل من المتوقع: فقد بلغ مؤشر أسعار المستهلك (بما يشمل تغير أسعار الطاقة) نحو 2.4% سنوياً، ما يشير على أن الأثر المباشر للتعريفات على التضخم محدود حالياً، ويقلل من احتمال سيناريو الركود. هذا يدعم قدرة الاقتصاد العالمي على امتصاص الإمدادات الإضافية.
في المحصلة، يجب متابعة تطورات الأمريكية الإيرانية ومسار التعريفات إلى جانب بيانات النمو لمعرفة مدى دقة تسعير المخاطر الحالية ومستقبل توقعات النفط. يمكن اعتبار العلاوة الجيوسياسية مرتفعة على المدى القصير، بينما يشير الإطار الاقتصادي الأوسع إلى قدرة على تحمل مستويات إنتاج أعلى. رصد هذه المتغيرات عبر الأسواق المالية والعملات والسلع سيكون مفتاح تقدير التوازن بين التفاؤل والإحجام في الفترة المقبلة.
"لم يتم إعداد المواد المقدمة هنا وفقًا للمتطلبات القانونية المصممة لتعزيز استقلالية البحث الاستثماري، وعلى هذا النحو تعتبر بمثابة وسيلة تسويقية. في حين أنه لا يخضع لأي حظر على التعامل قبل نشر أبحاث الاستثمار، فإننا لن نسعى إلى الاستفادة من أي ميزة قبل توفيرها لعملائنا.
بيبرستون لا توضح أن المواد المقدمة هنا دقيقة أو حديثة أو كاملة ، وبالتالي لا ينبغي الاعتماد عليها على هذا النحو. لا يجب اعتبار المعلومات، سواء من طرف ثالث أم لا، على أنها توصية؛ أو عرض للشراء أو البيع؛ أو التماس عرض لشراء أو بيع أي منتج أو أداة مالية؛ أو للمشاركة في أي استراتيجية تداول معينة. لا يأخذ في الاعتبار الوضع المالي للقراء أو أهداف الاستثمار. ننصح القراء لهذا المحتوى بطلب المشورة الخاصة بهم والإستعانة بخبير مالي. بدون موافقة بيبرستون، لا يُسمح بإعادة إنتاج هذه المعلومات أو إعادة توزيعها.
تداول العقود مقابل الفروقات والعملات الأجنبية محفوف بالمخاطر. أنت لا تملك الأصول الأساسية و ليس لديك أي حقوق عليها. إنها ليست مناسبة للجميع ، وإذا كنت عميلاً محترفًا ، فقد يؤدي ذلك إلى خسارة أكبر من استثمارك الأساسي. الأداء السابق في الأسواق المالية ليس مؤشرا على الأداء المستقبلي. يرجى النظر في المخاطر التي تنطوي عليها، والحصول على مشورة مستقلة وقراءة بيان الإفصاح عن المنتج والوثائق القانونية ذات الصلة (المتاحة على موقعنا على الإنترنت www.pepperstone.com) قبل اتخاذ قرار التداول أو الاستثمار.
هذه المعلومات غير مخصصة للتوزيع / الاستخدام من قبل أي شخص في أي بلد يكون فيه هذا التوزيع / الاستخدام مخالفًا للقوانين المحلية."