الرد المسرحي يحفز شهية المخاطر

شهدت الأسواق العالمية أمس واحدة من أكثر جلسات التداول زخماً هذا العام، مدفوعة بتطورات جيوسياسية دقيقة في الشرق الأوسط واستجابة واسعة الطيف عبر الأصول الأساسية. فعلى الرغم من أن المستثمرين دخلوا عطلة نهاية الأسبوع وهم يتحصّنون بمراكز تحوّط عديدة خشية تفجّر صراع مفتوح، جاءت الردود الإيرانية رمزية وأقرب إلى حفظ ماء الوجه؛ إذ تم اعتراض الصواريخ المتجهة إلى القواعد الأميركية في قطر والعراق من دون وقوع أضرار مادية أو خسائر بشرية، وترك مضيق هرمز خالياً من أي تهديد فعلي. هذه المحصلة سحبت فتيل التصعيد، وقلّصت جدياً احتمال انسداد شريان الطاقة الأهم عالمياً، ممهدة الطريق لإعادة تسعير شاملة لمستوى المخاطر.
وفي اسواق الاسهم ، القطاعات الدورية كانت الأكبر استفادة في مؤشر اس اند بي 500، فيما شكل قطاع الطاقة الاستثناء الأوضح مع انخفاضه باكثر من 2%، متأثراً بضغط الأسعار ولكن السوق ككل يبدو انه يتجه الى اعادة اختبار اختبار المستويات التي تم تحقيقها في فبراير. اما في سوق الصرف، لم يتمكن الدولار من الاحتفاظ بمكاسب الملاذ الآمن التي سجلها عقب العطلة ، تراجع مؤشر الدولار دون متوسطه المتحرك لخمسين يوماً. هذا التحوّل ساعد زوج اليورو دولار على الارتداد من 1.14 نحو مستويات تستهدف 1.16، في ظل رؤية السوق أن استقلالية السياسة النقدية الأوروبية تمنح اليورو جاذبية عند إعادة تخصيص التدفقات العالمية. اما المعدن الاصفر ، على الرغم من تراجع المخاطر ، لم يبعد المستثمرون أنظارهم تماماً عن أصول التحوّط؛ فالذهب انخفض من متوسط 50 يوم عند 3320$، ثم استعاد نحو نصف خسائره مع التدقيق في تصريحات عضوان من الفيدرالي يشجعون الى خفض الفائدة في الاجتماع القادم. فالتبدّل السريع في مواقف يضعف ثقة الأسواق في اتساق خطاب الاحتياطي الفيدرالي، ويُبقي الرغبة في تنويع الاحتياطيات بعيداً عن الدولار قائمة. اليوم يتصدر جيروم باول المشهد عبر شهادته النصف سنوية أمام الكونغرس، ومن المتوقع أن يحافظ على لهجة الترقب والتقييم عوضاً عن تبني دعوات اخرى. .
بعيداً عن الشرق الأوسط، تقترب مهلة تعليق التعريفات ومع أن التاريخ يذكرنا كيف كانت سعار الحروب التجارية الصغرى قادرة على إرباك المؤشرات، إلا أن السوق يقرأ إشارات محدودة للبيت الأبيض تحمل على التصعيد كما راينا في بداية ابريل الماضي. من منظور إدارة المحافظ، يبدو أن العائد المعدل للمخاطر ينتقل مجدداً نحو الأسهم حيث يستفيد المستثمرون من توقعات النمو الايجابي في نتائج الربع الحالي والنشاط المتزايد وخصوصا للقطاع البنكي. وفي حين قد يظل التراجع الحاد في قطاع الطاقة عامل ضغط على الأداء النسبي لمؤشر القيمة مقابل النمو، إلا أن التحول السريع في النفط يمنح مديري الأصول مساحة للمفاضلة بين صفقات قصيرة اجل انتقائية على الخام، ومراكز طويلة و مستويات دعم مفصلية في أسهم التكرير والبتروكيماويات.
بالمختصر ، رد طهران المنضبط أعاد الأسواق الى هجوم وشهية عالية، حيث تراجع النفط وارتفعت الأصول المعتمدة على النمو، في وقت لا تشير فيه البيانات الأساسية إلى اختلال جديد في التضخم. لكن، وكما تعلمنا من مراحل سابقة، فإن انحسار المخاطر الجيوسياسية لا يعني زوالها؛ التحول في الحسابات السياسية يمكن أن يعيد التصعيد. لذا، يبقى الانضباط في إدارة المخاطر أساساً بينما نترقب شهادة باول وإيقاع المؤشرات الاقتصادية القادمة، قد تظهر فرص تكتيكية للمستثمر، لكن من دون إغفال أن عنوان المشهد يبقى المرونة.
لا تُمثل Pepperstone أن المواد المقدمة هنا دقيقة أو حديثة أو كاملة، وبالتالي لا ينبغي الاعتماد عليها على هذا النحو. البيانات، سواء كانت من جهة ثالثة أو غيرها، لا يجب اعتبارها توصية؛ أو عرض لشراء أو بيع؛ أو دعوة لعرض لشراء أو بيع أي أمان، منتج مالي أو صك؛ أو المشاركة في أي استراتيجية تداول معينة. لا تأخذ في الاعتبار الوضع المالي للقراء أو أهداف الاستثمار الخاصة بهم. ننصح أي قارئ لهذا المحتوى بطلب نصيحته الخاصة. بدون موافقة Pepperstone، لا يُسمح بإعادة إنتاج أو إعادة توزيع هذه المعلومات.