يوم التحرير بالمقلوب

أعلنت كل من الولايات المتحدة والصين عن تخفيضات كبيرة ومشتركة في التعريفات الجمركية، لتفتح بذلك نافذة هدنة تستمر لتسعين يومًا، في خطوة تعتبر بمثابة انفراجة في خضم حرب تجارية. فبموجب مخرج المفاوضات لاتي استمرت طوال نهاية الاسبوع في سويسرا، ستخضع السلع الصينية المتجهة إلى السوق الأمريكي لتعريفات بنسبة 30% بدلًا من 145%، بينما ستُخفّض التعريفات على السلع الأمريكية الداخلة إلى الصين من 125% إلى 10%. ورغم أن هذه الإجراءات مؤقتة وستدخل حيز التنفيذ غداً، إلا أن وقعها في الأسواق كان فوريًا وقويًا.الأسواق المالية تعاملت مع هذه الأنباء كما لو أنها حصلت على خروج مؤقت من سجن الحمائية، فارتفعت شهية المخاطرة بشكل ملحوظ.
مؤشر S&P 500 ارتفع بنسبة تقترب من 3.3%، بينما قفز ناسداك بنسبة تقارب 4% مدفوعًا بمكاسب قوية في أسهم شركات التكنولوجيا التي كانت من أكبر المتضررين من التصعيد التجاري. في المقابل، تراجع الذهب بنحو 2%، ما يشير إلى تراجع الطلب على الاصل الافضل اداء في بيئة التعريفات العالية، بينما اكتسب خام برنت مستويات اعلى الى 65 دولارًا للبرميل في ظل تحسّن التوقعات بشأن تدفق التجارة العالمية وعادة بعث روح التفاؤل في الاسواق وتحجيم الاضرار كانت لتتمكن من الانشطة الاقتصادية الى حالة الركود. اقتصاديًا، هذا التراجع في التعريفات لا يمثل حلًا جذريًا أو اتفاقًا شاملًا، لكنه يعكس تحوّلًا في النوايا، أو على الأقل، رغبة سياسية في التهدئة المؤقتة. في العمق، قد تكون هذه المهلة محاولة لشراء الوقت كما أنها قد تمنح المجال لعقد مفاوضات أكثر جدية خلال الثلاثة الاشهر القادمة.
الرسالة التي قرأتها الأسواق من هذه الخطوة هي أن الانفراج ممكن، حتى إن لم يكن مضمونًا أو مستدامًا. من منظور استراتيجي، هذه التغييرات تفتح المجال أمام إعادة تقييم لتدفقات التجارة وأسعار مدخلات الإنتاج، وقد تدعم نتائج الشركات في الربع القادم، مما يجعلها بمثابة هدنة لدفع النمو ولو كانت محدودة زمنياً. ومع ذلك، فإن المستثمرين سيبقون النظر عن قرب على الاجتماعات الثنائية التي قد تحدد مسار ما بعد التسعين يومًا. كما أن البيانات الاقتصادية القادمة لا سيما المتعلقة بالصادرات والواردات وأداء الشركات ستكون موضع تشخيص الواقع لاقتصادي الحقيقي وخصوصا ان التنفيذيين في الشركات سيكونون مترددين لتنفيذ الاستثمارت بالشكل الذي تأمل به الادارة الاميركية لان مظلة 90 يوما لا تحمي من احتمالية يوم تعريفات عاصف اخر. ما حدث كنتيجة لمفاوضات سويسرا لا يرقى لأن يُسمى نهاية للأزمة، لكنه بكل تأكيد يمثل استراحة استراتيجية من حرب التعريفات، وقد يكون ما يشبه يوم التحرير بالمقلوب في الاثر؛ يوم لم تُرفع فيه القيود بالكامل، بل خُففت، لكنه كان كافيًا ليتنفس فيه السوق ويجد فيه المتعاملون بعض الأمل، ولو مؤقتًا.
من المحتمل أن يتجه السوق الأمريكي اس اند بي 500 الى إعادة اختبار المستويات في الأعلى التي تم تسجيلها في فبراير بالقرب من مستويات 6150 أعلى من المستويات الحالية بنحو 6% وذلك لأن روح الإيجابية عادت إلى الأسواق بفعل هذه التفاهمات الاقتصادية ولكن المتوسطات سوف تلعب بدوران في تحديد قوة الزخم الصاعد واستمراره حيث أن استمرار التداول فوق متوسطات ميتين يوم و20 يوم خلال الفترة القصيرة والثبات فوق هذه المستويات سوف يعطي الزخم للتداولات النظامية التي تتبع الأساليب الكمية وهما بشأنها سوف يدفع المؤشر إلى المستويات الأعلى المسجلة. ولكن ذلك قد يتعرض للضغط من ناحيتين أساسيتين الأولى البيانات الصلبة والتي قد تعطي إشارات بأن حالة عدم التأكد والفوضى التي حصلت مؤخرا أثرت على الإقتصاد بشكل بالغ أكثر مما تتوقعه الأسواق والسبب الآخر أن التعريفات الجمركية وما تم التفاوض عليه كان فقط من الجانب الثنائي مع الصين ولكن أبرز الشركاء التجاريين الآخرين لا يزالون يقبعون تحت مهلة ال90 يوما التي مضى منها بالفعل 30 يوما وأشير بذلك إلى كندا والمكسيك والأكثر أهمية الاتحاد الأوروبي. هذه العوامل قد تؤدي الى اختبار للحقائق للنظرة الإيجابية التي تشير إلى ارتفاع الأسواق وانفتاح شهية اخذ المخاطر ولكن ذلك طبيعي لأن التحرك في جانب واحد ليس مستدام دائما.
مؤشر أسعار المستهلك أحد أبرز البيانات الاقتصادية الصلبة التي تنتظرها الأسواق خلال الأسبوع الحالي الذي يتوقع أن يأتي عند 2.4% وبشكل أعلى عندما يتم استثناء الطعام والطاقة عند 2.8% بشكل متطابق مع بيانات الشهر الماضي وكذلك أيضا بيانات مبيعات التجزئة حيث يأتي متوسط التوقعات عند 0.1% بشكل أقل من توقعات الشهر الماضي التي كانت عند 1.4% ولكن بقاء مبيعات التجزئة في النطاق الإيجابي يعتبر عنصر إيجابي في ظل حالة عدم التأكد التي كانت طاغية على الأسواق الشهر الماضي. المفاجآت السلبية في الرقمين وبالتحديد مؤشر أسعار المستهلك إذا أتى مرتفعا بشكل أكبر من انحراف معياري واحد من متوسط التوقعات ونحو مستوى 3% قد يكون ذلك سلبي على تسعير خفض أسعار الفائدة حيث سيؤدي إلى ارتفاع في المنحنى توقعات مسار الفائدة إلى نهاية العام وهو ما يعتبر بشكل عام سلبي لتقييمات الأسهم ولكن الجانب الإيجابي لذلك هو إعطاء الدفعة لمؤشر الدولار حيث قد يميل الفدرالي كنتيجة لذلك التمسك بمستويات الفائدة الحالية لتهدئة الضغوط التضخمية. بالرغم من أن اتفاق الأمس عشان التعريفات مع الجانب الصيني ، إلا أن السلة منتهية الصغر التي تقدر قيمها بأقل من 800 دولار والتي كانت مستثناة سابقا من التعريفات الجمركية ، الآن سوف تخضع التعريفات الجمركية الجديدة عنده 30% وكنتيجة لذلك قد يؤدي ذلك إذا ضغوط تضخمية من السلع الأصغر حجما ولكن ذلك سوف يأخذ فترة من الزمن للانعكاس على البيانات الصلبة.
وبالنظر إلى الأمام ، جبت أن حالة الأسواق للأسبوع الحالي تتجه إلى الإيجابية و سوف يتم مراقبة مؤشر أسعار المستهلك اليوم و إنعكاسه ولكن إذا كان ذلك انحراف معياري واحد فقط لا يكون ذلك مؤثرا على حالة الإيجابية المسيطرة الآن بيانات يوم الخميس المتعلقة بمبيعات التجزئة ولو أن ذلك من الدرجة الثانية إلا أن تأكيدات المبيعات في المنطة الإيجابية سوف يكون مطمئنا على سلوك المستهلكين الأفراد. وفي نفس اليوم سوف يتحدث رئيس الاحتياطي الفيدرالي بأول يعطي جديد التصورات عن مسار السياسة النقدية وخصوصا بعد النتيجة الإيجابية من مفاوضات سويسرا. وأيضا سوف نتابع زيارة ترامب إلى السعودية اليوم ومن ثم قطر والإمارات والتي يتوقع تنتج اتفاقيات استراتيجية واستثمارات ضخمة وبشكل مبدئي في قطاعات مثل الشرائح التي تدعم النمو في المجال الإصطناعي وربما المحطات النووية استخدامات الطاقة السلمية ونحوها من الاتفاقيات المهمة لدول مجلس التعاون.
لا تُمثل Pepperstone أن المواد المقدمة هنا دقيقة أو حديثة أو كاملة، وبالتالي لا ينبغي الاعتماد عليها على هذا النحو. البيانات، سواء كانت من جهة ثالثة أو غيرها، لا يجب اعتبارها توصية؛ أو عرض لشراء أو بيع؛ أو دعوة لعرض لشراء أو بيع أي أمان، منتج مالي أو صك؛ أو المشاركة في أي استراتيجية تداول معينة. لا تأخذ في الاعتبار الوضع المالي للقراء أو أهداف الاستثمار الخاصة بهم. ننصح أي قارئ لهذا المحتوى بطلب نصيحته الخاصة. بدون موافقة Pepperstone، لا يُسمح بإعادة إنتاج أو إعادة توزيع هذه المعلومات.