تحذير من المخاطر: تُعدّ عقود الفروقات منتجات مالية معقدة، وتنطوي على مخاطر عالية لخسارة الأموال بسرعة بسبب الرافعة المالية. 81.1% من حسابات المستثمرين الأفراد تخسر أموالها عند تداول عقود الفروقات مع هذا المزود. يجب عليك مراعاة مدى فهمك لآلية عمل عقود الفروقات، ومدى قدرتك على تحمّل المخاطر العالية لخسارة أموالك.
شهدت الأسواق العالمية بداية هذا الأسبوع بنغمة متفائلة بشكل واضح ، حيث توازن المستثمرون بين انفراجة مرجحة في العلاقات الأميركية الصينية ، وبين استمرار مستوى من الضبابية في مشهد النمو العالمي وأسعار السلع.
البداية كانت من الملف الجيوسياسي الأبرز ، إذ أكدت الانباء في واشنطن أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيلتقي نظيره الصيني شي جين بينغ في كوريا نهاية الشهر الحالي ، في خطوة يراها كثيرون فرصة لإذابة الجليد بين أكبر اقتصادين في العالم بعد أشهر من التوتر التجاري وتصعيد اخير كان تأثيره واضح على لاسواق. هذا اللقاء المرتقب قد يفتح الباب أمام تفاهمات جزئية حول الرسوم الجمركية وتيسير سلاسل التوريد ، خصوصاً أن الصين تمتلك ورقة ضغط مهمة عبر سيطرتها على المعادن النادرة ، وهي مواد أساسية في صناعة الرقائق والطاقة النظيفة والبطاريات المتقدمة وهذه الورقة تنطبق على الاقتصاد الاميركي وبقية دول العالم على حد سواء.
وفي سياق متصل ، وقّعت شركة أو أند يو الأسترالية صفقة ضخمة بقيمة 8.5 مليار دولار لتطوير منجم للمعادن النادرة في ولاية أستراليا الغربية ، في خطوة تُعد استراتيجية لتنويع سلاسل الإمداد وتقليل الاعتماد العالمي على الصين. هذه الصفقة عززت الاهتمام العالمي بقطاع المعادن الاستراتيجية ، ورفعت من توقعات تدفقات الاستثمار إلى أستراليا التي أصبحت لاعب اكثر اهمية في هذا القطاع الحساس في هذه المرحلة.
في أسواق المعادن الثمينة ، بدا أن الذهب أخذ استراحة قصيرة بعد موجة صعود قوية ، لكنه حافظ على دعم صلب عند مستوى 4200 دولار للأونصة ، حيث ظهرت عمليات شراء واضحة من المستثمرين عند تراجع في نهاية الاسبوع الماضي. التباطؤ في وتيرة الارتفاع يُعتبر صحي من منظور فني ، إذ يسمح بتجميع مراكز جديدة قبل أي اندفاعة لاحقة. ومع ذلك ، تشير توجهات التداولات الصباحية اليوم إلى أن الذهب يبدو في طريقه لاختبار مستويات جديدة قريبة من 4400 دولار ، مدعوم بمزيج من استمرار الطلب الصلب من شريحة واسعة من المشترين من المستثمرين الباحثين عن التحوط او لملاحقة الفرص قصيرة الامد مع اندفاعة الذهب.
أما في وول ستريت ، فقد بدا أن المخاوف التي أرعبت الأسواق الأسبوع الماضي تتلاشى تدريجياً. القلق المرتبط بالمصارف الإقليمية الأميركية تراجع بعد أن أكدت البيانات الأخيرة أن التعثرات محدودة وليست واسعة النطاق. مؤشر تمويل السوق القصير SOFR الذي أثار المخاوف بشأن السيولة ، هدأ أيضاً ، ما ساهم في تقليص المخاوف من وجود مشكلة نظامية في القطاع المالي. هذا التحسن في المزاج انعكس على أداء الأسهم البنكية التي استعادت بعض الزخم المفقود ، فيما تراجعت تقلبات السوق إلى مستويات أكثر اتزان.
في المقابل ، بقيت أسعار النفط تحت ضغط واضح، إذ تداول خام برنت حول 61 دولار للبرميل، متأثر بمزيج من توقعات تباطؤ الطلب العالمي وزيادة الإنتاج من بعض الدول. ومع ذلك ، لا تزال منظمة أوبك+ تبعث برسائل تفاؤلية بشأن استقرار السوق على المدى المتوسط ، معتبرة أن الطلب سيظل متماسك رغم التحديات. الرؤية داخل التحالف تبدو منضبطة ، حيث يسعى المنتجون لتفادي تكرار سيناريو الانهيار السعري الذي حدث في سنوات سابقة بسبب الارتفاع من الانتاج النفطي الصخري وتشبع الاسواق.
في سوق العملات ، ظل مؤشر الدولار DXY يتحرك في نطاق جانبي مستقر بين 98 و99، وهي المنطقة التي حافظ عليها في معظم الأسابيع الماضية. استقرار المؤشر يعكس حالة من الهدوء النسبي في أسواق الصرف ، حيث لم يطرأ ما يكفي من التطورات ليكسر الاتجاه العرضي. الدولار استفاد من غياب البيانات الأميركية خلال فترة الإغلاق الحكومي ، فيما بقيت العملات الرئيسية الأخرى مثل اليورو والين والباوند تتحرك ضمن نطاقات غير واسعة.
ومع موسم الأرباح في الولايات المتحدة تشير المرحلة الى أكثر نشاط ، تزداد الترقبات لما سيقدمه عمالقة التكنولوجيا خلال الأيام المقبلة. الأنظار تتجه إلى نتائج نتفليكس ، وما ستحمله من مؤشرات حول ديناميكية الاشتراكات والإعلانات ، في وقت ينتظر فيه السوق تقرير إنتل الذي سيكشف مدى تأثير الاستثمارات الحكومية الأميركية في الشركة. كما تترقب الأسواق إعلان نتائج تسلا في وقت حلاق هذا الاسبوع ، وسط توقعات بارتفاع التقلبات إلى أكثر من 7% بعد الإعلان ، مع تركّز النقاش حول هوامش الأرباح ومبيعات المركبات الجديدة في بيئة تنافسية متزايدة من المصنعين في الصين.
من زاوية أوسع ، يمكن القول إن الأسواق تمر الآن بمرحلة إعادة توازن وتوجه الى المنطقة الاقل مقاومة. التهدئة النسبية في مخاوف القطاع المصرفي الأميركي أعادت الثقة ، لكن المستثمرين ما زالوا حذرين تجاه التقييمات التي تبدو المرتفعة في أسهم النمو ، والضبابية الجيوسياسية الممتدة من واشنطن إلى بكين. الذهب يواصل تأكيد مكانه كصفقة العام ، والنفط يحاول الدفاع عن أرضه وسط ضغوط مزدوجة من الإنتاج والنمو، والدولار يتحرك في نطاق مريح يعكس انتظار لتطوريغير المعنويات.
في نهاية المطاف ، يمكن تلخيص المشهد في أن الأسواق اليوم تعيش على إيقاع التوازن بين التفاؤل المرحلي والمخاطر الكامنة. لقاء ترامب وشي في كوريا قد يحمل بادرة تهدئة جديدة بين القوتين ، لكن التنافس على الموارد والتكنولوجيا سيبقى قائماً. وفي الخلفية ، يواصل الذهب الصعود الهادئ بثقة ، كأنه يعكس حقيقة بسيطة لا تتغير وهي عندما تتزاحم الضبابية والسياسة والديون ، يبقى المعدن الأصفر هو المعيار الذي يقيس عليه المستثمرون طمأنينتهم.