تحذير من المخاطر: تُعدّ عقود الفروقات منتجات مالية معقدة، وتنطوي على مخاطر عالية لخسارة الأموال بسرعة بسبب الرافعة المالية. 81.1% من حسابات المستثمرين الأفراد تخسر أموالها عند تداول عقود الفروقات مع هذا المزود. يجب عليك مراعاة مدى فهمك لآلية عمل عقود الفروقات، ومدى قدرتك على تحمّل المخاطر العالية لخسارة أموالك.

الأسواق بين نتائج إنفيديا وتحديات استقلالية الفيدرالي

احمد عسيري
إستراتيجي أسواق مالية
٢٨‏/٠٨‏/٢٠٢٥
تراجعت شهية المخاطرة في الأسواق الآسيوية خلال جلسة اليوم وسط غياب محفزات جديدة يمكن أن تمدد موجة الصعود التي شهدتها الاسواق خلال الاسبوع الماضي وايضاً على نتائج نفيديا التي شهدت عمليات بيع بعد اعلان النتائج.

تراجعت شهية المخاطرة في الأسواق الآسيوية خلال جلسة اليوم وسط غياب محفزات جديدة يمكن أن تمدد موجة الصعود التي شهدتها الاسواق خلال الاسبوع الماضي وايضاً على نتائج نفيديا التي شهدت عمليات بيع بعد اعلان النتائج. الصورة العامة حملت خليطًا من عوامل القلق الممتدة من وول ستريت إلى العواصم ، حيث جاءت نتائج إنفيديا بعد الإغلاق الأميركي قوية من حيث الأرقام لكنها لم ترتق إلى مستوى التوقعات العالية للغاية التي بناها المستثمرون على مدار الأشهر الماضية وخصوصا فيما يتعلق بالسوق الصينية. الشركة حققت إيرادات بنحو 46.7 مليار دولار في الربع الثاني طبقا للتوقعات، بزيادة كبيرة تجاوزت 50% على أساس سنوي، ومع ذلك، فإن أسواق ما بعد الإغلاق عاقبت السهم بالتراجع. السبب لم يكن في النتائج بحد ذاتها، بل في القراءة الأعمق ، إدارة الشركة استبعدت المبيعات إلى الصين من التوجيهات المستقبلية، في وقت يمثل فيه السوق الصيني جزء لا يستهان به من الطلب العالمي على أشباه الموصلات عالية الأداء (اكثر من 5 مليار دولار في الايرادات). هذا الاستبعاد يعكس حجم التعقيد الذي باتت تفرضه الجغرافيا السياسية على أكبر شركات التكنولوجيا، ويعيد إلى الواجهة مشكلة أن النمو القوي في الذكاء الاصطناعي بات يخضع  لتدخلات الحكومات وقيود التجارة.

Preview

في الوقت نفسه، فإن ما تحقق على مستوى الإيرادات في إنفيديا لا يلغي حقيقة أن المستثمرين يواجهون الان مخاطرة سقف التوقعات، حيث إن أي النتائج حتى لو كانت قياسية لا تكفي لرفع المعنويات إذا لم تتجاوز سقف التوقعات المستقبلية. يمكن القول إن قصة الذكاء الاصطناعي ما زالت حية وقوية ، لكن لن تواصل التحرك في اتجاه واحد بل أكثر تعقيد من ناحية التمركز وخصوصا بعد التحركات التي وصلت الى اكثر من 100% خلال الاشهر الماضية.

على صعيد آخر، جاء قرار الولايات المتحدة بمضاعفة الرسوم الجمركية على الصادرات الهندية إلى مستويات تصل إلى 50% وهو ما يضيف طبقة جديدة من الضغط على ثقة المستثمرين في الاقتصاد الهندي وايضا فقد المزايا التنافسية للصادرات الى المشترين في الولايات المتحدة. السلع المستهدفة واسعة وتشمل الملابس والأحذية والأثاث والأحجار الكريمة وبعض المنتجات الكيميائية. محور الخلاف شراء النفط الروسي وهو ما لا تريد الادارة الاميركية استمراره. بينما تستفيد الحكومة الهندية من توفير 5-7% من تكلفة النفط المستورد وهو ماقد يصل الى اجمالي توفير سنوي يصل الى 3.5 مليار دولار ، مبلغ جيد في حد ذاته. ولكن اذا تم اخذ تأثير هذه التعريفات الجمركية - الان 50% - والتي تنعكس على نحو 86 مليار دولار من الصادرات الهندية الى الولايات المتحدة ، تصبح التكلفة اكثر من 20 مليار دولار على الاقتصاد الهندي مقابل توفير 3.5 مليار في سوق النفط. لا ازال اتعجب من هذا المنطق للحكومة الهندية! لغة الارقام واضحة ولكن هذه المعركة هي معركة سياسية يكمن فيما مودي – رئيس الوزراء – الجانب الاضعف وبدون اوراق ضغط.

المستثمرون إلى الهند كسوق صاعد يمكن أن يشكل بديل جزئي أو مكمل للصين. الرسوم الأميركية بهذا الحجم توجه رسالة أن العلاقات الاقتصادية – بين الشريكين نظرياً - لم تعد محصنة ، وأن تنويع المخاطر عبر الاعتماد على أكثر من شريك تجاري لا يعني بالضرورة تقليل المخاطر الجيوسياسية، بل ربما توزيعها عبر أكثر من محور. لذلك، انعكست هذه الخطوة بشكل سلبي على معنويات السوق الهندية ، واذا استمرت لفتره طويلة سينعكس ذلك على الاستثمار المباشر وربما انخفاض النمو الاقتصادي الى 6% خلال العام الحالي وربما حتى ارتفاع في عمليات التسريح في القطاعات المتأثرة.

هذه العوامل اجتمعت لتلقي بظلالها على جلسة آسيا، حيث كان من الطبيعي أن تتصدر أسواق التكنولوجيا التراجعات، لا سيما في تايوان التي تعتبر الأكثر حساسية لتحولات في مزاج المستثمرين تجاه أشباه الموصلات. النتيجة كانت ميلًا واضحًا نحو التخفيض في المراكز.

Preview

في الولايات المتحدة، المشهد السياسي أضاف بدوره عنصر جديد من تعكير مدى الرؤية. قرار الرئيس ترامب بإقالة عضوة مجلس الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك فتح جدل قانوني حول حدود سلطة البيت الأبيض، لكنه بالنسبة للأسواق أطلق إشارة خطر. استقلالية الفيدرالي، وهي إحدى الركائز الأساسية لمصداقية السياسة النقدية، قد تكون عرضة للتآكل. الأسواق تعلم جيداً تسييس قرارات الفيدرالي تترجم إلى ارتفاع في علاوة المخاطر. في الأجل القصير، وبشكل مختلف عن المرة السابقة لم يتم مشاهده تحرك كبير سلبي في الاصول وذلك بسبب ان الاسواق على تعتقد ان مخرجات هذا الامر ستأثر على مسار السياسة النقدية، لكنها في الأجل الأطول قد تعني زيادة في علاوة العوائد على السندات الأميركية إذا شعر المستثمرون أن قرارات السياسة النقدية لم تعد مبنية على اعتبارات اقتصادية بحتة بل على حسابات سياسية وهو وضع مختلف تماما عن ما يتم الان.

في أوروبا، بقي اليورو تحت الضغط مع عودة التوترات السياسية في فرنسا إلى الواجهة. صحيح أن الفوارق بين عوائد السندات الفرنسية والألمانية لم تتسع بشكل دراماتيكي، إلا أن بروز المخاطر السياسية مره اخرى يكفي لإبقاء المستثمرين مترددين تجاه العملة الموحدة. في مثل هذه الحالات، عادة ما تتأثر حركة اليورو بالدولار بشكل أكبر بعوامل خارجية مثل بيانات الاقتصاد الأميركي أو معنويات السوق العالمية، لكن وجود خلفية سياسية متوترة في فرنسا يذكر الجميع بأن الاستقرار الأوروبي يخضع لعوامل متعدده ومتغيرة.

عند جمع كل هذه العناصر، تتضح صورة سوق عالمي ، إنفيديا تؤكد أن الذكاء الاصطناعي يواصل قيادة النمو لكنه يواجه سقف توقعات صعب، الرسوم الأميركية على الهند تدل على أن الحروب التجارية اخذة في الاتساع اذا تعارضت المصالح، الأسواق الآسيوية تعكس حالة إحباط من غياب أي محفزات جديدة، الفيدرالي الأميركي يواجه اختبار لاستقلاليته، واليورو يعاني من هشاشة سياسية في أوروبا.

هذه التراكمات لا تعني أزمة، لكنها بالتأكيد تفرض على المستثمرين إعادة النظر في استراتيجياتهم. بدلاً من الرهانات الاتجاهية الواسعة، يبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد تفضيل للرهانات الانتقائية. المحصلة أن الأسواق تعيش فترة توازن ، حيث لم تعد الأخبار الجيدة عن الفترة الماضية وحدها تكفي لرفع الأسعار، بينما أي الاخبار السلبية يملك القدرة على إحداث تصحيح يعتمد عمقه على معنويات السوق ككل. في بيئة كهذه، الذكاء الاصطناعي يظل قصة النمو الكبرى، لكنه لم يعد تجارة سهلة للمضاربين، وكل ذلك يجعل الأسابيع المقبلة مهمه في تحديد ما إذا كانت الأسواق ستستعيد الثقة وتعود إلى الصعود او التداول العرضي، أم ستظل أسيرة موجات من التذبذب والرهانات الانتقائية.

المواد المقدمة هنا لم تُعد بما يتماشى مع المتطلبات القانونية المصممة لتعزيز استقلال البحث الاستثماري وبالتالي يُعتبر تواصل تسويقي. بينما لا يُخضع لأي منع من التعامل قبل نشر البحث الاستثماري، لن نسعى للاستفادة قبل تقديمه لعملائنا.

لا تُمثل Pepperstone أن المواد المقدمة هنا دقيقة أو حديثة أو كاملة، وبالتالي لا ينبغي الاعتماد عليها على هذا النحو. البيانات، سواء كانت من جهة ثالثة أو غيرها، لا يجب اعتبارها توصية؛ أو عرض لشراء أو بيع؛ أو دعوة لعرض لشراء أو بيع أي أمان، منتج مالي أو صك؛ أو المشاركة في أي استراتيجية تداول معينة. لا تأخذ في الاعتبار الوضع المالي للقراء أو أهداف الاستثمار الخاصة بهم. ننصح أي قارئ لهذا المحتوى بطلب نصيحته الخاصة. بدون موافقة Pepperstone، لا يُسمح بإعادة إنتاج أو إعادة توزيع هذه المعلومات.