حين تتمايل الأسهم على أنغام الضبابية.. المتداولون يترقبون نهاية العرض!
شهدت الأسواق تقلبات لافتة، حيث أغلقت الأسهم الأمريكية على انخفاض ملموس يعكس تفاعل المستثمرين مع بيانات اقتصادية مفصلية. فقد تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 1.1%، في ظل تراجع أسهم التكنولوجيا وخدمات الاتصالات بشكل اكبر. وكانت Nvidia في مقدمة الخاسرين، حيث أغلقت بانخفاض حاد بلغ 6.2%، ما ضغط بشكل ملحوظ على مؤشر NASDAQ 100 الذي انخفض بنسبة 1.8%. في المقابل، برز قطاعا الطاقة والرعاية الصحية كملاذ وسط هذه الضغوط، مدعومين بارتفاع أسعار النفط مؤخراً.
الانخفاضات في SPX لا تزال في نطاق 4% خلال الفترة الماضية حيث تداول المؤشر بين مستويات 5850 - 6100 منذ اجتماع الفيدالي في ديسمبر حيث تم اعادة التركيز على المخاطر التضخمية وهو ما رفع حساسية الاسواق للبيانات الاقتصادية المتعلقة بالضغوط التضخمية لاسعار الى الواجهه من جديد جنبا الى جنب مع بيانات سوق العمل واستقراره.
قراءة لبيانات الوظائف والتضخم
يعكس هذا الأداء استمرار حالة عدم اليقين بشأن مستقبل السياسة النقدية، إذ يراقب المستثمرون عن قرب بيانات التضخم وسوق العمل باعتبارها المفتاح الرئيسي لتوجهات الاحتياطي الفيدرالي. في هذا السياق، جاء تقرير فرص العمل JOLTS ليكشف عن توفر 8.098 مليون فرصة عمل، مما رفع نسبة فرص العمل المفتوحة إلى 4.8%، وهي مستويات قريبة من أدنى مستوياتها منذ منتصف عام 2020. ويُعَد هذا الرقم مؤشراً على متانة سوق العمل، لكنه في الوقت نفسه قد يؤجج مخاوف الفيدرالي بشأن استمرارية ارتفاع الأجور، مما قد يعزز من الضغوط التضخمية. بيانات الوظائف غير الزراعية المرتقب يوم الجمعة يشير الى 120 الف الى 200 الف وظيفة مضافة خلال شهر ديسمبر اقل من الرقم السابق عند 227 الف في نوفمبر وتشير التوقعات ايضا الى استمرار نسبة البطالة عند 4.2%. هذا التقرير سيكون ابرز البيانات الاقتصادية هذا الاسبوع لانعكاساته على التوجهات المستقبلية لصناع القرار واسعار الفائدة.
تأثيرات سوق السندات وعوائد الخزانة
في سوق السندات، شهدت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات ارتفاعاً إلى 4.69%، مما يشير إلى انخفاض شهية المستثمرين تجاه الأصول ذات المخاطر العالية مثل الأسهم. هذا الارتفاع في العوائد يعكس قناعة الأسواق بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يضطر لإبقاء الفائدة عند مستويات مرتفعة لفترة أطول من المتوقع سابقاً. كما شهدت عوائد السندات قصيرة الأجل تحركاً ملحوظاً، وهو ما يعزز إشارات الانعكاس لمنحنى العائد، مما يعد مؤشراً تاريخياً على احتمالية حدوث تباطؤ اقتصادي في المستقبل. الجدير بالذكر أن التغير في عوائد السندات لم يكن قاصراً على الأسواق الأمريكية، بل شمل أيضاً أسواق السندات في الاسواق الرئيسة عالمياً، حيث سجلت زيادات في العوائد، ما يعكس نظرة عالمية أوسع ترتكز على استمرار عدم اليقين بشأن العمل على توازن توقيت تخفيف السياسات النقدية مع توقعات افاق النمو الاقتصادي.
أداء سوق العملات وسط البيانات الاقتصادية
ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي DXY بنسبة 0.4% مدعوماً بالتقارير الاقتصادية الأمريكية التي عززت من قوة الدولار متداول بثبات فوق مستويات 108 في جلسه الامس. وقد شهد اليورو EURUSD تراجعاً إلى مستوى 1.0338 قبل أن يستقر عند 1.0353، نتيجة لتباين التوقعات بين السياسة النقدية الأوروبية والأمريكية. ويأتي هذا التراجع في وقت تواجه فيه منطقة اليورو تحديات مستمرة تتعلق بضعف النمو ولو ان المركزي الاوروبي يتجه الى تخفيض الفائدة في الاجتماع المقبل. وفي سوق العملات الرقمية، أظهرت البيتكوين BTCUSD تراجعاً ملحوظاً إلى مستويات 96,000 دولار، متأثرة بالمعنويات العامة السلبية في الأسواق التقليدية. وعلى الرغم من اعتبار العملات المشفرة تبدو أقل تأثراً بالسياسات النقدية في الاونه الاخيرة، الا أنها لا تزال عرضة لتقلبات واسعة في ظل التحولات الاقتصادية الكلية ولتأثيرها في شهية المخاطرة لدى المستثمرين.
استشراف المرحلة المقبلة
إن البيانات الأخيرة تعكس استمرار حالة التباين بين قوة سوق العمل وضغوط الأسعار، وهو ما يضع الاحتياطي الفيدرالي أمام مهمة صعبة بين الاستمرار في كبح التضخم أو التخفيف من سياساته للمحافظة على النمو الاقتصادي. فارتفاع عدد فرص العمل المتاحة رغم تباطؤ نمو التوظيف في بعض القطاعات يعزز من التوقعات بأن سوق العمل لا يزال بعيداً عن التراجع الحاد. لكن في المقابل، فإن ارتفاع مؤشر الأسعار المدفوعة يعيد إشعال المخاوف بشأن بقاء التضخم في مستويات مرتفعة نسبياً، مما قد يدفع الفيدرالي لتأخير خفض الفائدة. أما على صعيد الأسهم، فإن القطاعات الدفاعية مثل الرعاية الصحية والطاقة قد تستمر في جذب اهتمام المستثمرين، لا سيما إذا استمرت أسعار النفط في الصعود نتيجة العوامل الجوهرية وتوجهات منظمة أوبك+ للإبقاء على قيود الإنتاج. ومن جهة أخرى، قد تواجه شركات التكنولوجيا وشركات النمو ضغوطاً إضافية إذا استمرت معدلات الفائدة المرتفعة، بالتزمن مع ارتفاع عوائد سندات الخزانة ، وهو ما قد يؤدي إلى إعادة تقييم أوسع لقيمتها السوقية.
في سوق السندات، من المتوقع أن يؤدي استمرار ارتفاع العوائد إلى تعزيز جاذبية الأصول الآمنة مقارنة بالأسهم، مما قد يدفع بعض المستثمرين إلى زيادة استثماراتهم في سندات الخزانة الأمريكية. كما أن هذا التحرك قد يضغط على تكاليف الاقتراض للشركات، مما يؤثر على خططها المستقبلية للتوسع والاستثمار. أما في سوق العملات، فإن الدولار DXY قد يستمر في قوته إذا ظلت المؤشرات الاقتصادية تدعم سياسة نقدية متشددة، في حين قد يبقى اليورو EURUSD تحت الضغط إذا استمرت أوروبا في مواجهة ضغوط تضخمية مع تباطؤ في النمو. ومن المتوقع أن تؤثر البيانات المقبلة المتعلقة بالتضخم وتقارير الوظائف على هذه الديناميكيات بشكل مباشر، خاصة إذا أظهرت تحسناً في قطاع الخدمات أو زيادة في الأجور.
بالمختصر، تشير تحركات الأسواق المالية إلى مرحلة من الحذر، حيث ينتظر المستثمرون إشارات أوضح بشأن مستقبل السياسة النقدية. ومع استمرار التوترات بين النمو الاقتصادي وضغوط الأسعار، فإن الفترة المقبلة مهمة في تحديد اتجاهات الأسواق ومراكز الاستثمار، لا سيما في ظل استمرار رصد المستثمرين لخطابات صناع القرار في الاحتياطي الفيدرالي - والتر كريستفر اليوم الاربعاء - وتحليل التوجهات التي قد تؤثر على قراراتهم بشأن احتمالية وسرعة خفض الفائدة في الاجتماعات القادمة وايضا بيانات الوظائف غير الزراعية المرتقبة يوم الجمعة ولكن ذلك سيسبقه يوم حداد - وتوقف للتداول - للرئيس الاميركي الاسبق كارتر يوم الخميس. الحذر سيظل السمة الرئيسية للأسواق في وقت ظهور البيانات الاقتصادية الجديدة ، مع احتمالية بقاء القطاعات الدفاعية كالطاقة والرعائة الصحية في دائرة الاهتمام.
لا تُمثل Pepperstone أن المواد المقدمة هنا دقيقة أو حديثة أو كاملة، وبالتالي لا ينبغي الاعتماد عليها على هذا النحو. البيانات، سواء كانت من جهة ثالثة أو غيرها، لا يجب اعتبارها توصية؛ أو عرض لشراء أو بيع؛ أو دعوة لعرض لشراء أو بيع أي أمان، منتج مالي أو صك؛ أو المشاركة في أي استراتيجية تداول معينة. لا تأخذ في الاعتبار الوضع المالي للقراء أو أهداف الاستثمار الخاصة بهم. ننصح أي قارئ لهذا المحتوى بطلب نصيحته الخاصة. بدون موافقة Pepperstone، لا يُسمح بإعادة إنتاج أو إعادة توزيع هذه المعلومات.