مؤشر إس آند بي 500 يستهدف 6,000 نقطة وسط ترقب تقرير الوظائف

يُثار مؤخراً جدل واسع حول مسار الدولار، حيث يسود حديث سلبي عن العملة الأميركية، ويُعزى كثير من ذلك إلى فكرة أن أي تراجع مرتقب للدولار مرتبط بانخفاض مكانته العالمية. في رأيي، إن الأمر يتعلق بالخسارة في القيمة أكثر منه بمكانة العملة وذلك لاسباب تصدرت المشهد الاقتصادي مؤخراً كالتعريفات الجمركية وما يترتب عليها من انخفاض النمو الاقتصادية واحتمال ضغط اسعار اعلى وكنتيجة انخفاض ارباح الشركات ولو ان الاثر الحقيقي لم ينعكس بعد بشكل واضح في ارباح الربع الاول من العام. فأنا أتوقع هبوطاً في الدولار، ولكنني لا أرى أن مكانته الهيكلية ستتضرر بشكل جوهري؛ فليس من الضروري أن يفقد الدولار قيمته بسبب تآكل هيبته. بعبارة أخرى، يمكن أن يتراجع دون تغيير جوهري في دوره الدولي.
لتوضيح ذلك، علينا أولاً أن نفهم ما نعنيه بـمكانة الدولار: فهو يشكل الغالبية العظمى من احتياطيات البنوك المركزية حول العالم. أما في سوق الصرف، فيشارك في نحو 97% من الصفقات على العملات الاجنبية، فلا دلائل على وجود منافس حقيقي له في هذا المجال. لكن هذا لا يعني أن هيمنة الدولار تكفل استمرارية ارتفاعه؛ فقد شهد الاقتصاد الأميركي والدولار معاً دورات طويلة الأجل من الصعود والهبوطز رغم الآفاق الدولار الهابطة، إلا أن السردية السائدة التي تربط ضعف الدولار مباشرة بانخفاض هيمنته تثير انطباعاً خاطئاً. فالدولار لا يحتاج إلى خسارة وضعه العالمي لكي يتراجع. بل يمكن أن يكون التراجع التدريجي في السعر وسيلة للحفاظ على هذه المكانة. انخفاض قيمة الدولار سيشجع منافسة المنتجات المصنعة في الولايات المتحدة في الاسواق الدولية ويجعل المنتجات المصنعة في الاسواق الدولية اغلى تكلفة على المستهلك الاميركيز هدف يمكن القول ان االدارة الاميركية تسعى الى تحقيقه لانه يتناسق مع استراتيجية عودة المصانع الى الولايات المتحدة.
يعكس شارت الذهب الواضح فوق أنَّ السعر يلتقي دائماً مع متوسط الحركة الأسي لـ50 يوماً (EMA 50) قبل أن ينطلق مجدداً صعوداً. أولاً، يتضح أنَّ المعدن الأصفر يرسم قيعان متسقة عند هذا المتوسط على الأقل أربع مرات في الفترة الممتدة من يناير حتى يونيو 2025، ما يشير إلى أنَّ المشترين يقومون بتجميع قواهم حول مستوى دعم تقني حاسم. وفي كل مرة اعتمد السعر على هذا المتوسط، أعقبها ارتفاع ملموس قاد الذهب إلى مستويات جديدة أو حافظ على زخم إيجابي لأسابيع متتالية. هذا السلوك المتكرر يُثبت أنَّ EMA 50 يحظى بأهمية استراتيجية ويعكس رغبة المستثمرين في الدخول عند مستويات أكثر جاذبية قبل موجة صعود مقبلة.
تتعزز مستويات الذهب الحالية بفعل البيئة الاقتصادية غير الواضحة التي يلفها سباق التعريفات الجمركية والتوترات التجارية. فكلما تصاعدت احتمالات فرض رسوم جديدة أو تجدد النزاع التجاري، ارتفع الإقبال على الذهب كملاذ آمن، مما يدعم التحرك الجانبي إلى الصعود حول 3,300–3,400 دولار للأونصة. ورغم ذلك، لا أرى أن الذهب سيبلغ مستوى 3,500 دولار إلا إذا دخلنا في جولة جديدة من الرسوم المتبادلة الشهر القادم. وإذا أثمرت المفاوضات الحالية بشكل جزئي أدى إلى فرض تعريفات إضافية، فهناك احتمال قوي بأن يسجل الذهب مستوى 3,500، لا سيما في ظل ترقب الأسواق لنتائج حاسمة تعيد رسم قواعد التجارة العالمية. أرى أنَّ ثبات الذهب فوق EMA 50 هو دليل على قوة الزخم الصعودي التي يمكن استثمارها في حال حدوث تصحيحات، كما أنّ التوترات الجمركية ستبقى العامل الأهم في دفع الأسعار نحو الأعلى لاحقاً.
يعكس الشارت المرفق ادناه لمؤشر إس أند بي 500 تحوّلاً ملحوظاً في الزخم منذ منتصف أبريل 2025، إذ نجح المؤشر في تجاوز المتوسط الأسي لـ50 يوماً (حوالي 5,758 نقطة) واستمر في التماسك صعوداً وصولاً إلى ضفاف منطقة المقاومة القوية الممتدة بين 5,950 و6,000 نقطة. هنا، يمكن القول إن انخفاض “الضجيج” متمثلاً في تراجع الضبابية السياسية وتلاشي مخاوف انقطاع التمويل في نهاية الربع—قد يمنح الأسواق الزخم اللازم لاختبار مستوى 6,000 نقطة أولاً، وربما اختراقه لاحقاً وصولاً إلى القمم التاريخية المسجلة سابقاً حول 6,100–6,150 تقريباً.
ولكنّ السيناريو الصاعد هذا ليس مضموناً في ظل المتغيرات الاقتصادية المحيطة؛ إذ تشكّل بيانات الوظائف غير الزراعية الأميركية المعلنة غداً (الجمعة) المحفّز الأساسي لمرحلة التحرك التالية. وفقاً للتقديرات المجمّعة من 67 اقتصادياً، يبلغ الوسيط المتوقع للتوظيف غير الزراعي في مايو نحو 130 ألف وظيفة. مع انحراف معياري يبلغ نحو 21.74 ألف، وذلك بعد أن سجلت الوظائف غير الزراعية 177 ألف وظيفة في أبريل (مُعدَّلة). هذه الانحرافات والاتساع في نطاق التوقعات يعبِّر عن تباين آراء المحللين حيال مدى قوة سوق العمل للشهر الماضي.
إذا جاءت القراءة أعلى من المتوسط والوسيط—على سبيل المثال، تجاوزت 140–150 ألف وظيفة—فسيُعزز ذلك الثقة في استمرار انتعاش النشاط الاقتصادي الأمريكي ويعطي زخماً إضافياً لأسواق الأسهم نحو اختبار 6,000 نقطة وما فوق. أما قراءة أضعف من 130 ألف، خصوصاً في حال الاقتراب من أدنى التوقعات (حول 100 ألف)، فقد تعيد النظر في مسار تثبيت أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي. بالتالي، يتوقف صعود إس أند بي 500 نحو 6,000 نقطة على ما ستسفر عنه قراءة الوظائف غير الزراعية: قراءة تفوق التوقعات ستبقي التفاؤل حيّاً، وتدعم الأصول المحفوفة بالمخاطر في مسعاها نحو مستويات قياسية جديدة، في حين أن نتيجة دون المتوسط قد تفتح الباب أمام تصحيح مؤقت أو تراجع للضغط على الأسعار، وسط ضبابيةٍ حول مسار المفاوضات التجارية وتأثيرها على عمليات التداول.
لا تُمثل Pepperstone أن المواد المقدمة هنا دقيقة أو حديثة أو كاملة، وبالتالي لا ينبغي الاعتماد عليها على هذا النحو. البيانات، سواء كانت من جهة ثالثة أو غيرها، لا يجب اعتبارها توصية؛ أو عرض لشراء أو بيع؛ أو دعوة لعرض لشراء أو بيع أي أمان، منتج مالي أو صك؛ أو المشاركة في أي استراتيجية تداول معينة. لا تأخذ في الاعتبار الوضع المالي للقراء أو أهداف الاستثمار الخاصة بهم. ننصح أي قارئ لهذا المحتوى بطلب نصيحته الخاصة. بدون موافقة Pepperstone، لا يُسمح بإعادة إنتاج أو إعادة توزيع هذه المعلومات.